رجلا مع امرأته يزني بها ، فأمسك حتى أصبح ، فلما أصبح غدا على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو جالس مع أصحابه ، فقال : يا رسول الله ، إني جئت أهلي عشاء فوجدت رجلا مع امرأتي ، رأيت بعيني وسمعت بأذني ، فكره رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما جاء به وثقل عليه حتى عرف ذلك في وجهه ، فقال هلال: والله يا رسول الله إني لأرى الكراهة في وجهك مما أتيتك به ، والله يعلم إني لصادق ، وما قلت إلا حقا ، وإني لأرجو أن يجعل الله لي فرجا ، فهم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بضربه ، قال : واجتمعت الأنصار فقالوا : ابتلينا بما قال سعد ، يجلد هلال وتبطل شهادته ، فإنهم لكذلك ورسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يريد أن يأمر بضربه إذ أنزل عليه الوحي ، فأمسك أصحابه عن كلامه حين عرفوا أن الوحي قد نزل حتى فرغ ، فأنزل الله : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ ...) إلى آخر الآيات». فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «أبشر يا هلال ، فإنّ الله قد جعل لك فرجا». فقال : كنت أرجو ذلك من الله ـ عزوجل ـ فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «أرسلوا إليها» فجاءت فكذبت هلال. فقال عليهالسلام (١) : «الله يعلم أنّ أحدكما كاذب ، فهل منكما تائب»؟ وأمر بالملاعنة ، وشهد هلال أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ، فقال عليهالسلام (٢) له عند الخامسة : «اتّق الله يا هلال ، فإنّ عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة». فقال : والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها رسول الله ، وشهد الخامسة : أنّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «أتشهدين»؟ فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، ثم قال لها عند الخامسة ووقفها (٣) : «اتقي الله فإنها الخامسة الموجبة ، وإن عذاب الله أشد من عذاب الناس». فتلكأت ساعة وهمت بالاعتراف ثم قالت : والله لا أفضح قومي ، فشهدت الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصّادقين. ففرق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بينهما ، وقضى أن الولد لها ، ولا يدعى لأب ، ولا يرمى ولدها ، ثم قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إن جاءت به كذا وكذا فهو لزوجها ، وإن جاءت به كذا وكذا فهو للّذي قيل فيه». فجاءت به غلاما كأنه جمل أورق (٤) ، على التشبيه المكروه ، وكان بعد أميرا بمصر ولا يدرى من أبوه (٥).
فصل
إذا رمى الرجل امرأته بالزنا يجب عليه الحد إن كانت محصنة ، والتعزير إن لم تكن محصنة ، كما في رمي الأجنبي ، إلا أن قذف الأجنبي لا يسقط الحد عن القاذف إلا بإقرار المقذوف ، أو ببينة أربعة شهداء على الزنا.
__________________
(١) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٣) ووقفها : سقط من ب.
(٤) الأورق من كل شيء : ما كان لونه لون الرماد ، ومن الناس : الأسمر ومن الإبل : ما في لونه بياض إلى سواد. المعجم الوسيط (ورق).
(٥) أخرجه الطبري ١٨ / ٦٥ وانظر البغوي ٦ / ٦١ ـ ٦٣ ، الفخر الرازي ٢٣ / ١٦٦ ـ ١٦٧ والدر المنثور ٥ / ٢١ ـ ٢٢.