والبدلية من قوله «انقلب» كما أبدل المضارع من مثله في قوله (يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ)(١).
وقرأ مجاهد والأعرج وابن محيصن والجحدري في آخرين «خاسر» بصيغة اسم الفاعل منصوب على الحال (٢) ، وهو توكيد كون الماضي في قراءة العامة حالا وقرىء برفعه ، وفيه وجهان :
أحدهما : أن يكون فاعلا ب «انقلب» ، ويكون من وضع الظاهر موضع المضمر ، أي : انقلب خاسر الدنيا والآخرة ، والأصل : انقلب هو (٣).
الثاني : أنه (٤) خبر مبتدأ محذوف ، أي هو خاسر (٥).
وهذه القراءة تؤيد الاستئناف في قراءة المضي على التخريج الثاني. وحق من قرأ «خاسر» رفعا ونصبا أن يجر «الآخرة» لعطفها على «الدنيا» المجرورة بالإضافة. ويجوز أن يبقى النصب فيها ، إذ يجوز أن تكون الدنيا منصوبة ، وإنما حذف التنوين من «خاسر» لالتقاء الساكنين نحو قوله :
٣٧٥٠ ـ ولا ذاكر الله إلّا قليلا (٦)
فصل
معنى خسرانه الدنيا هو أن يخسر العز والكرامة وإصابة الغنيمة وأهلية الشهادة والإمامة والقضاء ، ولا (٧) يبقى ماله ودمه مصونا ، وأما خسران الآخرة فيفوته الثواب
__________________
ـ فمذهب البصريين غير الأخفش لزوم (قد) مطلقا ظاهرة أو مقدرة فإن كان جامدا أو منفيا فلا ، نحو جاء زيد وما طلعت الشمس بالواو فقط ومذهب الكوفيين والأخفش لزومها مع المرتبط بالواو فقط. وجواز إثباتها وحذفها في المرتبط بالضمير وحده أو بهما معا.
وهو المختار تمسكا بظاهر قوله تعالى : (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) [النساء : ٩٠] ، وقوله تعالى : (وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ قالُوا) [يوسف : ١٦ ، ١٧]. واختار أبو حيان مذهب الكوفيين والأخفش فإنه قال : والصحيح جواز وقوع الماضي حالا بدون قد ، ولا يحتاج إلى تقديرها للكثرة وورود ذلك ، وتأويل الكثير ضعيف جدا لأنا إنما نبني المقاييس العربية على وجود الكثرة.
انظر البحر المحيط ٦ / ٣٥٥ ، الهمع ١ / ٢٤٧ ، شرح الأشموني ٢ / ١٩١.
(١) [الفرقان : ٦٨ ، ٦٩]. وممن قال بهذا الوجه ابن جني وأبو الفضل الرازي لأنه يجوز بدل الفعل من الفعل. المحتسب ٢ / ٧٥ ، البحر المحيط ٦ / ٣٥٥.
(٢) المختصر (٦٤) المحتسب ٢ / ٧٥ ، التبيان ٢ / ٩٣٤ ، البحر المحيط ٦ / ٣٥٥.
(٣) انظر الكشاف ٣ / ٢٧.
(٤) أنه : سقط من الأصل.
(٥) انظر الكشاف ٣ / ٢٧ ، البحر المحيط ٦ / ٣٥٥.
(٦) عجز بيت من بحر المتقارب قاله أبو الأسود الدؤلي ، وصدره :
فألفيته غير مستعتب
والشاهد فيه حذف التنوين من (ذاكر) ، لالتقاء الساكنين.
(٧) ولا : مكرر في الأصل.