على أحدهم مكروه فكأنه جرى على جميعهم ، كما قال عليهالسلام (١) «مثل المسلمين في تواصلهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا وجع بعضه وجع كله بالسّهر والحمّى» (٢) ، وقال عليهالسلام (٣) : «المؤمنون كالبنيان يشدّ بعضه بعضا (٤)» (٥).
وقوله : (هذا إِفْكٌ مُبِينٌ) أي : كذب بين (٦).
قوله تعالى : (لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٣) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ)(١٤)
قوله : «لو لا (٧) جاءوا» : هلّا جاءوا (عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) أي : على ما زعموا ، يشهدون على معاينتهم ما رموها به (فَإِذْ (٨) لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ) ولم يقيموا بينة على ما قالوه (فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ) أي : في حكمه (هُمُ الْكاذِبُونَ).
فإن قيل : كيف يصيرون عند الله كاذبين إذا لم يأتوا بالشهداء ومن كذب فهو عند الله كاذب سواء أتى بالشهداء أو لم يأت؟
فالجواب : معناه : كذبوهم بأمر الله.
وقيل : هذا (٩) في حق عائشة خاصة ، فإنهم كانوا عند الله كاذبين (١٠).
وقيل : المعنى : في حكم الكاذبين ، فإن الكاذب يجب زجره عن الكذب ، والقاذف إذا لم يأت بالشهود فإنه يجب زجره ، فلما (كان) شأنه (شأن) (١١) الكاذب في الزجر أطلق عليه أنه كاذب مجازا(١٢).
قوله : «فإذ لم يأتوا». «إذ» منصوب ب «الكاذبون» في قوله : (فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) ، وهذا كلام في قوة شرط وجزاء.
قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ) من
__________________
(١) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٢) أخرجه البخاري (أدب) ٣ / ٥٣ ، مسلم (بر) ٤ / ١٩٩٩ ـ ٢٠٠٠.
(٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٤) أخرجه البخاري (صلاة) ١ / ٩٥ ، (مظالم) ٣ / ٦٧ ، (أدب) ٤ / ٥٥ ، مسلم (بر) ٤ / ١٩٩٩ الترمذي (بر) ٣ / ٢١٨ ، النسائي (زكاة) ٥ / ٧٩ ، أحمد ٤ / ٤٠٤ ، ٤٠٥ ، ٤٠٩.
(٥) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٧٨.
(٦) معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٣٦.
(٧) في الأصل : لو. وهو تحريف.
(٨) في ب : فإذا. وهو تحريف.
(٩) هذا : سقط من ب.
(١٠) انظر البغوي ٦ / ٨٠.
(١١) ما بين القوسين تكملة من الفخر الرازي.
(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٧٩.