«من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الّذي هو خير وليكفّر عن يمينه» (١).
وأما قولهم : إنّ الله تعالى لم يذكر الكفارة في قصة أبي بكر ، فإن حكمها كان معلوما عندهم. وأما قوله عليهالسلام (٢) : «وليأت الذي هو خير ، وذلك كفارته» فمعناه : تكفير الذنب لا أنه الكفارة المذكورة في الكتاب (٣).
فصل
روي عن عائشة أنها قالت : «فضلت على أزواج النبي (٤) بعشر خصال :
تزوج رسول الله بي (٥) بكرا دون غيري ، وأبواي مهاجران (٦) ، وجاء جبريل بصورتي وأمره أن يتزوج بي ، وكنت أغتسل معه في إنائه ، وجبريل ينزل عليه وأنا معه في لحاف ، وتزوج في شوال ، وبنى بي في ذلك الشهر وقبض بين (٧) سحري ونحري (٨) ، وأنزل الله عذري من السماء ، ودفن في بيتي ، وكل ذلك لم يساوني فيه غيري» (٩).
وقال (١٠) بعضهم : «لقد برّأ الله أربعة بأربعة : برأ يوسف (وَشَهِدَ شاهِدٌ (١١) مِنْ أَهْلِها)(١٢) ، وبرأ موسى من قول اليهود بالحجر الذي ذهب بثوبه ، وبرأ مريم بإنطاق ولدها (١٣) ، وبرأ عائشة بهذه الآيات في كتابه المتلو على وجه الدهر» (١٤).
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٢٣) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ)(٢٥)
قوله (١٥) : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) العفائف «الغافلات» عن الفواحش «المؤمنات» والغافلة عن الفاحشة أي : لا تقع في مثلها ، وكانت عائشة كذلك ، فقال
__________________
(١) أخرجه البخاري (الأيمان والنذور) ٤ / ١٤٧ ـ ١٤٨ ، مسلم (الأيمان) ٣ / ١٢٦٨ ـ ١٢٦٩ ، ١٢٧٢ ، الترمذي (نذور) ٣ / ٤٣٤٢ ، الموطأ (نذور) ٢ / ٤٧٨.
(٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٩٢ ـ ١٩٣.
(٤) في ب : النبي صلىاللهعليهوسلم.
(٥) بي : سقط من ب.
(٦) في ب : مهاجرات. وهو تحريف.
(٧) في الأصل : وقضى وقبض من.
(٨) السّحر : الرئة. والنّحر : الصدر. أي مات رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو مسند إلى صدرها وما يحاذي سحرها منه. اللسان (سحر ، نحر).
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٩٣ ، الدر المنثور ٥ / ٣٢.
(١٠) في الأصل : قال.
(١١) في ب : شاهدين. وهو تحريف.
(١٢) [يوسف : ٢٦].
(١٣) قال الله تعالى : «قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا» [مريم : ٣٠].
(١٤) انظر الكشاف ٣ / ٦٨ ، الفخر الرازي ٢٣ / ١٩٣.
(١٥) في ب : قوله تعالى.