(وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) يبين لهم حقيقة ما كان يعدهم في الدنيا (١).
وإنما سمّي الله ب «الحق» لأن عبادته هي الحق دون عبادة غيره (٢).
وقيل : سمّي ب «الحق» ومعناه : الموجود ، لأن نقيضه الباطل وهو المعدوم ، ومعنى «المبين»: المظهر (٣).
قوله تعالى : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)(٢٦)
قوله تعالى : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ) الآية.
قال أكثر المفسرين : «الخبيثات» من القول والكلام «للخبيثين» من الناس ، «والخبيثون» من الناس «للخبيثات» من القول ، «والطيبات» من القول «للطّيّبين» من الناس ، «والطّيّبون» من الناس «للطّيّبات» من القول.
والمعنى : أنّ الخبيث من القول لا يليق إلا بالخبيث من الناس ، والطيّب لا يليق إلا بالطيّب فعائشة ـ رضي الله عنها ـ لا يليق بها الخبيثات من القول ، لأنها طيبة ، فيضاف إليها طيبات الكلام من الثناء الحسن وما يليق بها (٤).
وقال الزجاج : معناه (٥) : لا يتكلم بالخبيثات إلا الخبيث من الرجال والنساء ، ولا يتكلم بالطيبات إلا الطيب من الرجال والنساء (٦) وهذا ذم للذين قذفوا عائشة ، ومدح للذين برّأوها بالطهار.
قال ابن زيد : معناه : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء ، أمثال عبد الله بن أبيّ والشاكين في الدين ، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال ، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء (٧) ، يريد : عائشة طيبها الله لرسوله الطيب ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «مبرءون» (٨) يعني : عائشة وصفوان ، ذكرهما بلفظ الجمع كقوله : (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ)(٩) أي : أخوان(١٠).
وقيل : (أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ) يعني : الطيبين والطيبات منزهون مما يقولون (١١).
وقيل : الرّمي تعلق بالنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وبعائشة وصفوان ، فبرأ (١٢) الله كل واحد منهم (١٣).
__________________
(١) انظر البغوي ٦ / ٨٦ ـ ٨٧.
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٩٥.
(٣) المرجع السابق.
(٤) انظر البغوي ٦ / ٨٧ ـ ٨٨.
(٥) في ب : ومعناه.
(٦) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٧.
(٧) انظر القرطبي ١٢ / ٢١١.
(٨) في ب : «أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ».
(٩) [النساء : ١١].
(١٠) قاله الفراء. معاني القرآن ٢ / ٢٤٩.
(١١) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٤١.
(١٢) في ب : مبرأ.
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٩٦.