صغير القوم ، قال : فقام أبو سعيد ، فشهد له» (١).
وفي بعض الروايات أن عمر قال لأبي موسى : لم أتهمك ، ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله (٢).
وعن قتادة : «الاستئذان ثلاثة : الأول ليسمع الحي ، والثاني ليتهيأ ، والثالث إن شاء أذن وإن شاء ردّ».
وهذا من محاسن الآداب ، لأنه في أول كرّة (٣) ربما منعهم بعض الأشغال (٤) من الإذن ، وفي الثانية ربما كان هناك ما يمنع ، فإذا لم يجب في الثالثة يستدل بعدم الإذن على مانع. ويجب أن يكون بين كل واحدة والأخرى وقت ما.
فأما قرع الباب بعنف ، والصياح بصاحب الدار فذاك حرام ، لأنه إيذاء ، وكذا قصة بني أسد وما نزل فيها من قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) (٥) (٦).
فصل
في كيفية الوقوف على الباب
روى أبو سعيد قال : استأذن رجل على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو مستقبل الباب ، فقالعليهالسلام(٧): «لا تستأذن وأنت مستقبل الباب» (٨).
وروي أنه عليهالسلام (٩) كان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ، فيقول : «السلام عليكم» وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور (١٠).
فصل
كلمة «حتّى» للغاية ، والحكم بعد الغاية يكون بخلاف ما قبلها ، فقوله : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) يقتضي جواز الدخول بعد الاستئذان وإن لم يكن من صاحب البيت إذن.
__________________
(١) أخرجه البخاري (الاستئذان) ٤ / ٨٨ ، ومسلم (الآداب) ٣ / ١٦٩٤ ـ ١٦٩٦ وابن ماجه (أدب) ٢ / ١١١٢ ، وأبو داود (أدب) ٥ / ٣٧٠ ـ ٣٧٢ ، الترمذي (استئذان) ٤ / ١٥٧ ، الدارمي (استئذان) ٢ / ٢٧٤ ، الموطأ (استئذان) ٢ / ٩٦٣ ـ ٩٦٤.
(٢) في ب : رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(٣) الكرة : المرة.
(٤) في ب : الاشتغال.
(٥) [الحجرات : ٤].
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٩٨ ـ ١٩٩.
(٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٨) انظر الفخر الرازي.
(٩) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٠) أخرجه أبو داود (أدب) ٥ / ٣٧٤ ، وانظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٩٩ الدر المنثور ٥ / ٣٩.