أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(٣١)
قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) الآية. الغض : إطباق الجفن بحيث يمنع الرؤية. قال :
٣٨٢٦ ـ فغضّ الطّرف إنّك من نمير |
|
فلا كعبا بلغت ولا كلابا (١) |
وفي «من» أربعة أوجه :
أحدها : أنها للتبعيض ، لأنه يعفى عن الناظر أول نظرة تقع من غير قصد (٢).
والثاني : لبيان الجنس (٣) ، قاله أبو البقاء (٤). وفيه نظر من حيث إنّه لم يتقدّم مبهم يكون مفسّرا ب «من».
الثالث : أنها لابتداء الغاية ، قاله ابن عطية (٥).
الرابع : قال الأخفش : إنها مزيدة (٦).
فصل
قال الأكثرون : المراد غض البصر عما يحرم والاقتصار به على ما يحل (٧).
فإن قيل : كيف دخلت «من» في غض البصر دون حفظ الفرج؟
فالجواب : أن ذلك دليل على أن أمر النظر أوسع ، ألا ترى أن المحارم لا بأس بالنظر (٨) إلى شعورهن وصدورهن ، وكذا الجواري المستعرضات ، وأما أمر الفروج فمضيق.
وقيل : معنى (يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) أي : ينقصوا من نظرهم بالبصر إذا لم يكن من عمله فهو مغضوض.
وعلى هذا «من» ليست زائدة ، ولا هي للتبعيض ، بل هي صلة للغض ، يقال : غضضت من فلان : إذا نقصت منه (٩).
فصل
العورات تنقسم أربعة أقسام :
__________________
(١) البيت من بحر الوافر قاله جرير. وقد تقدم.
(٢) انظر الكشاف ٣ / ٧٠ ، تفسير ابن عطية ١٠ / ٤٨٥ ، التبيان ٢ / ٩٦٨.
(٣) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٢٠ ، تفسير ابن عطية ١٠ / ٤٨٦ ، البيان ٢ / ١٩٤.
(٤) التبيان ٢ / ٩٦٨.
(٥) قال ابن عطية : (ويصح أن تكون (من) لبيان الجنس ، ويصح أن تكون لابتداء الغاية) تفسيره ١٠ / ٤٨٦.
(٦) انظر البيان ٢ / ١٩٤ ، التبيان ٢ / ٩٦٨.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٠٣.
(٨) في ب : ينظر.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٣٠٢.