وقال الشعبي : إنما لم يذكرهما الله لئلا يصفها العم عند ابنه ، والخال كذلك.
والمعنى : أن سائر القرابات تشترك مع الأب والابن في المحرمية إلا العم والخال وابناهما ، وإذا رآها الأب وصفها لابنه وليس بمحرم ، وهذا من الدلالات البليغة في وجوب الاحتياط عليهن في النسب (١).
فصل
والسبب في إباحة نظر هؤلاء إلى زينة المرأة هو (٢) الحاجة إلى مداخلتهن ومخالطتهن واحتياج المرأة إلى صحبتهم في الأسفار في (٣) النزول والركوب (٤).
قوله : (أَوْ نِسائِهِنَّ).
قال أكثر المفسرين : المراد اللّائي على دينهن.
قال ابن عباس : ليس للمسلمة أن تتجرد بين نساء أهل الذمة (٥) ، ولا تبدي للكافرة (٦) إلا ما تبدي للأجانب إلا أن تكون أمة لها.
وكتب عمر إلى أبي عبيدة أن تمنع نساء أهل الكتاب من دخول الحمام مع المؤمنات. وقيل : المراد ب «نسائهنّ» جميع النساء.
وهذا هو الأولى ، وقول السلف محمول على الاستحباب (٧).
قوله : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ). وهذا يشمل العبيد والإماء ، واختلفوا في ذلك : فقال قوم : عبد المرأة محرم لها يجوز له الدخول عليها إذا كان عفيفا ، وأن ينظر إلى بدن مولاته إلا ما بين السرة والركبة كالمحارم ، وهو ظاهر القرآن ، وهو مروي عن عائشة وأم سلمة. وروي أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها ، وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها ، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها ، فلما رأى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما تلقى قال : «إنه ليس عليك بأس ، إنما هو أبوك وغلامك» (٨). وعن مجاهد : «كنّ أمهات المؤمنين لا (٩) يحتجبن عن مكاتبهن (١٠) ما بقي عليه درهم». وكانت عائشة تمتشط والعبد ينظر إليها.
وقال ابن مسعود والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيب : لا ينظر العبد إلى شعر مولاته. وهو قول أبي حنيفة (١١).
__________________
ـ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً» [الأحزاب : ٥٥].
(١) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٠٨.
(٢) في ب : وهو.
(٣) في ب : و.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٠٨.
(٥) في ب : المذمة. وهو تحريف.
(٦) في النسختين : للكافر.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٠٨.
(٨) أخرجه أبو داود (لباس) ٤ / ٣٥٩.
(٩) لا : سقط من ب.
(١٠) المكاتب : العبد يكاتب على نفسه بثمنه ، فإذا سعى وعمل وأدى هذا الثمن عتق. اللسان (كتب).
(١١) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٠٨.