يضرب ، كيف يقدرونه بضارب لا بمضروب (١).
فصل (٢)
اختلفوا في المراد بقوله : (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ.) فقيل : المراد رؤساؤهم الذين كانوا يفزعون إليهم ، لأنه يصح منهم أن يضروا ، ويؤيد (٣) هذا أن الله تعالى بين في الآية الأولى أن الأوثان لا تضرهم ولا تنفعهم ، وهذه الآية تقتضي (٤) كون المذكور (٥) فيها ضارا نافعا ، فلو كان المذكور في هذه الآية هو الأوثان لزم التناقض.
وقيل المراد الأوثان ، ثم أجابوا عن التناقض بوجوه :
أحدها : أنها لا تضر ولا تنفع بأنفسها ، ولكن عبادتها سبب (٦) الضرر ، وذلك يكفي في إضافة الضرر إليها كقوله (٧) تعالى : (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ (٨) النَّاسِ)(٩) فأضاف الإضلال إليهم من حيث كانوا سببا للضلال ، فكذلك هنا نفى الضرر عنهم في الآية الأولى ، بمعنى كونها فاعلة ، وأضاف الضرر إليهم في هذه الآية بمعنى أن عبادتها سبب الضرر.
وثانيها : كأنه سبحانه بيّن في الآية الأولى أنها في الحقيقة لا تضر ولا تنفع ثم قال في الآية الثانية : ولو سلمنا كونها ضارة نافعة لكن ضرها أكثر من نفعها.
وثالثها : أن الكفار إذ أنصفوا (١٠) علموا أنه لا يحصل منها لا نفع ولا ضرر في الدنيا ، ثم إنهم في الآخرة يشاهدون العذاب العظيم بسبب عبادتها ، فكأنهم (١١) يقولون لها في الآخرة إن ضركم أعظم من نفعكم.
قوله : (لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) المولى هو الناصر ، والعشير الصاحب والمعاشر.
والمخصوص بالذم محذوف تقديره : لبئس المولى ولبئس العشير ذلك المدعو. واعلم أن هذا الوصف بالرؤساء أليق ، لأنه لا يكاد يستعمل في الأوثان (١٢) ، فبين تعالى أنهم يعدلون عن عبادة الله الذي هو خير الدنيا والآخرة إلى عبادة الأصنام وإلى طاعة الرؤساء بقوله تعالى (١٣) : (لَبِئْسَ الْمَوْلى) والمراد ذم ما انتصروا بهم (١٤).
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٥٦.
(٢) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٣ / ١٧.
(٣) في ب : ويؤيدوا. وهو تحريف.
(٤) في ب : مقتضى. وهو تحريف.
(٥) في ب : المذكورين.
(٦) في ب : بب. وهو تحريف.
(٧) في ب : لقوله.
(٨) في ب : ومن. وهو تحريف.
(٩) [إبراهيم : ٣٦].
(١٠) أنصفوا : سقط من ب.
(١١) في ب : وكأنهم.
(١٢) في ب : يستعمل الأوثان. وهو تحريف.
(١٣) تعالى : سقط من الأصل.
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٨.