فصل
فأما المراهق فيلزم المرأة أن تستر منه ما بين سرتها وركبتها ، وفي لزوم ستر ما عداه وجهان :
الأول : لا يلزم ، لأن القلم غير جار عليه.
والثاني : يلزم كالرجل ، لأنه مشتهى ، والمرأة قد تشتهيه ، واسم الطفل شامل له إلى أن يحتلم (١) وأما الشيخ فإن بقيت له شهوة فهو كالشاب ، وإن لم تبق له شهوة ففيه وجهان :
أحدهما : أن الزينة الباطنة معه مباحة ، والعورة معه (٢) ما بين السرة والركبة.
والثاني : أن جميع البدن معه عورة إلا الزينة الظاهرة.
وههنا آخر الصور التي استثناها الله تعالى ، (والرضاع كالنسب) (٣)(٤).
قوله : (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ).
قال ابن عباس وقتادة : كانت المرأة تمر بالناس وتضرب برجليها ليسمع (٥) قعقعة خلخالها ، فنهين عن ذلك ؛ لأن الذي تغلب عليه شهوة النساء إذا سمع صوت الخلخال يصير ذلك داعية له زائدة إلى مشاهدتهن ، وعلل تعالى ذلك بقوله : (لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ)(٦) وفي الآية فوائد :
الأولى : لما نهي عن استماع الصوت الدال على وجود الزينة ، فلأن يدل على المنع من إظهار الزينة أولى.
الثانية : أن المرأة منهية عن رفع صوتها بالكلام بحيث يسمع ذلك الأجانب ، إذ (٧) كان صوتها أقرب إلى الفتنة (من صوت خلخالها ، ولذلك كرهوا أذان النساء لأنه يحتاج فيه إلى رفع الصوت ، والمرأة منهية عنه.
الثالثة : تدل على تحريم النظر إلى وجهها بشهوة ، لأن ذلك أقرب إلى الفتنة) (٨)(٩).
قوله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ). قال ابن عباس : توبوا (١٠) مما كنتم تفعلونه في الجاهلية لعلكم تسعدون في الدنيا والآخرة (١١). وقيل : توبوا من
__________________
(١) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢١٠.
(٢) في النسختين : منه.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢١٠.
(٤) ما بين القوسين في ب : كالرضاع. وهو تحريف.
(٥) ليسمع : سقط من ب.
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢١٠.
(٧) في ب : إذا.
(٨) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢١١.
(٩) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٠) في ب : عما.
(١١) انظر الكشاف ٣ / ٧٣ ، الفخر الرازي ٢٣ / ٢١١.