التقصير الواقع منكم في أمره ونهيه. وقيل : راجعوا طاعة الله فيما أمركم ونهاكم من الآداب المذكورة في هذه السورة.
قوله : (أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ). العامة على فتح الهاء وإثبات ألف بعد الهاء ، وهي «ها» (١) التي للتنبيه. وقرأ ابن عامر هنا وفي الزخرف «يأيه (٢) الساحر» (٣) وفي الرحمن (أَيُّهَ الثَّقَلانِ)(٤) بضم الهاء وصلا ، فإذا وقف سكن (٥).
ووجهها (٦) : أنه لما حذفت الألف لالتقاء الساكنين استحقت الفتحة على حرف خفي ، فضمت الهاء (٧) إتباعا. وقد رسمت هذه المواضع الثلاثة دون ألف ، فوقف أبو عمرو والكسائي بألف والباقون بدونها اتباعا للرسم ، ولموافقة الخط للفظ (٨). وثبتت في غير هذه المواضع حملا لها على الأصل نحو : (يا أَيُّهَا النَّاسُ)(٩) ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)(١٠) وبالجملة فالرسم سنة متبعة.
قوله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ)(٣٢)
قوله تعالى (١١) : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ).
لما أمر تعالى بغض الأبصار وحفظ الفروج بيّن (١٢) بعده أن الذي أمر به إنما هو فيما لا يحل ، ثم ذكر بعد ذلك طريق (١٣) الحلّ فقال : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ)(١٤). الأيامى (١٥) : جمع أيّم ب(١٦) «زنة» : «فيعل» ، يقال منه : آم يئيم كباع يبيع ، قال الشاعر :
٣٨٢٩ ـ كلّ امرىء ستئيم من |
|
ه العرس أو منها يئيم (١٧) |
وقياس جمعه : أيائم ، كسيّد وسيائد. و «أيامى» فيه وجهان :
__________________
(١) في ب : الهاء.
(٢) في النسختين : يا أيها.
(٣) [الزخرف : ٤٩].
(٤) [الرحمن : ٣١].
(٥) السبعة (٤٥٥ ، ٥٨٦ ، ٥٨٧ ، ٦٤٠) ، الكشف ٢ / ١٣٦ ـ ١٣٧ ، الإتحاف (٣٢٤).
(٦) في ب : وتوجيهها.
(٧) في الأصل : إليها.
(٨) السبعة (٤٥٥ ، ٥٨٦ ، ٥٨٧ ، ٦٤٠) ، الكشف ٢ / ١٣٧ ، الإتحاف (٣٢٤).
(٩) من قوله تعالى : «يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ» [الحج : ١].
(١٠) من قوله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً» [النساء : ٧١].
(١١) تعالى : سقط من ب.
(١٢) في ب : وبين.
(١٣) في ب : بطريق.
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢١١.
(١٥) الأيامى : سقط من ب.
(١٦) ب : زيادة يتطلبها السياق.
(١٧) البيت من مجزوء الكامل قاله يزيد بن الحكم الثقفي ، وهو في اللسان (أيم) والبحر المحيط ٦ / ٤٤٣. عرس الرجل : امرأته ، وهو أيضا عرسها ، لأنهما اشتركا في الاسم لمواصلة كل واحد منهما صاحبه وإلفه إياه. يقول إن كل إنسان لا بد أن يفترق عن زوجته أو تفترق زوجته منه فيصير أحدهما أيما أي لا زوج له.