والقرآن لقوله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ)(١) يعني : القرآن.
وقال سعيد بن جبير والضحاك : الضمير يعود على محمد ـ صلىاللهعليهوسلم (٢) ـ ولم يتقدم لهذه الأشياء ذكر. وأما عوده على المؤمنين في قراءة أبيّ ، ففيه إشكال من حيث الإفراد (٣). قال مكّيّ : يوقف على الأرض في هذه الأقوال الثلاثة (٤).
وقيل : أراد ب «النور» الطاعة ، سمى طاعة الله نورا ، وأضاف هذه الأنوار إلى نفسه تفضيلا(٥).
فصل
واختلفوا في هذا التشبيه :
(هل هو) (٦) تشبيه مركب ، أي : أنه قصد تشبيه (٧) جملة بجملة من غير نظر إلى مقابلة جزء بجزء ، بل قصد تشبيه هداه وإتقانه صنعته في كل مخلوق على الجملة بهذه الجملة من النور الذي يتخذونه ، وهو أبلغ صفات النور عندكم أو تشبيه غير مركب ، أي : قصد مقابلة جزء بجزء. ويترتب الكلام فيه بحسب الأقوال في الضمير في «نوره» (٨). و «المشكاة» : الكوّة غير النّافذة. وهل هي عربية أم حبشيّة معرّبة؟ خلاف (٩).
قال مجاهد : «هي القنديل» (١٠). وقيل : هي الحديدة أو الرّصاصة التي يوضع فيها الذّبال ، وهو الفتيل ، ويكون في جوف الزجاجة (١١).
وقيل : هي العمود الذي يوضع على رأسه المصباح (١٢). وقيل : ما يعلق منه القنديل من الحديدة (١٣). وأمال «المشكاة» الدّوري (١٤) عن الكسائي لتقدّم الكسر وإن
__________________
ـ ابن خالويه (مثل نور من «أنر به» أبيّ بن كعب) المختصر (١٠١) وانظر قراءة أبيّ بهذه الألفاظ كلها في تفسير ابن عطية ١٠ / ٥٠٦ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٥.
(١) [المائدة : ١٥].
(٢) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٢١ ، تفسير ابن عطية ١٠ / ٥٠٦ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٥.
(٣) لأن المشكاة ليست تقابل الإيمان. انظر البحر المحيط ٦ / ٤٥٥.
(٤) لم أجد قول مكي في الكشف ، ولا في مشكل إعراب القرآن. انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٥٠٦ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٥.
(٥) في ب : تفضلا.
(٦) ما بين القوسين في ب : قيل.
(٧) في ب : للتنبيه.
(٨) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٥٥.
(٩) قال الزجاج : (وقال : «كمشكاة» وهي الكوة ، وقيل : إنها بلغة الحبش ، والمشكاة من كلام العرب) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤٣.
(١٠) انظر البغوي ٦ / ١١٥.
(١١) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٥٠٩ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٦.
(١٢) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٥٠٩ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٦.
(١٣) المرجعان السابقان.
(١٤) هو حفص بن عمر بن عبد العزيز ، أبو عمر الدوري الأزدي البغدادي شيخ الناس في زمانه ، وأول من ـ