قوله : «من شجرة» من لابتداء الغاية ، وثمّ مضاف محذوف ، أي : من زيت (شجرة) (١)(٢). و «زيتونة» فيها قولان : أشهرهما : أنها بدل من «شجرة» (٣).
الثاني : أنها عطف بيان ، وهذا مذهب الكوفيين ، وتبعهم أبو علي (٤). وتقدم هذا. في قوله : «من ماء صديد» (٥).
قوله : «لا شرقيّة» صفة ل «شجرة» (٦) ودخلت «لا» لتفيد النفي. وقرأ الضّحّاك بالرفع على إضمار مبتدأ ، أي : لا هي شرقية ، والجملة أيضا في محل جر نعتا ل «شجرة» (٧). (قوله : «يكاد» هذه الجملة أيضا نعت ل «شجرة» (٨)) (٩).
قوله : (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) جوابها محذوف ، أي : لأضاءت ، لدلالة ما تقدم عليه ، والجملة حالية. وتقدم تحرير هذا في قولهم : أعطوا السائل ولو جاء على فرس. وأنها لاستقصاء الأحوال حتى في هذه الحالة (١٠). وقرأ ابن عباس والحسن : «يمسسه» بالياء (١١) ، لأن التأنيث مجازي ، ولأنه قد فصل بالمفعول أيضا (١٢).
فصل في كيفية هذا التمثيل
قال جمهور المتكلمين : معناه : أن هداية الله قد بلغت في الظهور والجلاء (١٣) إلى أقصى الغايات ، وصار ذلك بمنزلة المشكاة التي يكون فيها زجاجة صافية ، وفي الزجاجة مصباح (يتّقد بزيت) (١٤) بلغ النهاية في الصفاء. فإن قيل : لم شبهه بذلك مع أن ضوء الشمس أعظم منه؟
__________________
(١) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٥١١ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٦.
(٢) ما بين القوسين في ب : الشجرة.
(٣) انظر التبيان ٢ / ٩٧٠ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٧.
(٤) ذهب الكوفيون والفارسي وابن جني والزمخشري إلى أن عطف البيان يجري في النكرات ، ومثلوا بقوله تعالى مِنْ «ماءٍ صَدِيدٍ»[إبراهيم : ١٦] وذهب البصريون إلى أنه لا يجري إلا في المعارف كذا نقله عنهم الشلوبين وقال ابن مالك : ولم أجد هذا النقل عنهم إلا من جهته. واحتجوا بأن الغرض في عطف البيان تبيين الاسم المتبوع وإيضاحه والنكرة لا يصح أن يبين بها غيرها ، لأنها مجهولة ولا يبين مجهول بمجهول وأجيب المجيزون بأن بعض النكرات أخص من بعض والأخص يبين الأعم ، وجوز الزمخشري تخالفهما ، وقد بينت ذلك عند الحديث عن قوله تعالى : «وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي» [طه : ٢٩ ، ٣٠] البحر المحيط ٦ / ٤٥٧ ، الهمع ٢ / ١٢١ الأشموني ٣ / ٨٦.
(٥) من قوله تعالى : «مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ» [إبراهيم : ١٦].
(٦) انظر التبيان ٢ / ٩٧٠ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٧.
(٧) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٥٧.
(٨) انظر التبيان ٢ / ٩٧٠.
(٩) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٠) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٥٧.
(١١) المختصر (١٠٢) ، المحتسب ٢ / ١١١.
(١٢) انظر المحتسب ٢ / ١١١ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٧.
(١٣) في الأصل : والجلال.
(١٤) ما بين القوسين في ب : بتقدير زيت. وهو تحريف.