على ما في حيز «أن» وما بعد «أن» لا يتقدم عليها (١).
فصل
قال أكثر المفسرين : المراد ب «البيوت» ههنا : المساجد.
وقال عكرمة : هي البيوت كلها. والأول أولى ، لأن في البيوت ما لا يوصف بأن الله أذن أن ترفع، وأيضا فإن الله تعالى وصفها بالذكر والتسبيح والصلاة ، وذلك لا يليق إلا بالمساجد. ثم القائلون بأنها المساجد قال بعضهم : بأنها أربعة مساجد لم يبنها إلا نبي : الكعبة بناها إبراهيم وإسماعيل فجعلاها قبلة. وبيت المقدس بناه داود وسليمان ـ عليهماالسلام (٢) ـ ومسجد المدينة بناه النبي ـ عليهالسلام (٣) ـ ومسجد قباء أسس على التقوى بناه رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قاله ابن بريدة. وعن الحسن أن ذلك بيت المقدس يسرج فيه عشرة آلاف قنديل. وهذا تخصيص بغير دليل.
وقال ابن عباس : المراد جميع المساجد كما تقدم (٤).
قوله : «أن ترفع». قال مجاهد : تبنى (٥) كقوله : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ)(٦) ، وهو مرويّ عن ابن عباس. وقال الحسن والزجاج (٧) : تعظّم وتطهّر عن الأنجاس ولغو الأفعال. وقيل : مجموع الأمرين (٨)(وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ).
قال ابن عباس : يتلى فيها كتابه. وقيل : عام في كل ذكر (٩)(يُسَبِّحُ لَهُ فِيها).
قرأ ابن عامر وأبو بكر بفتح الباء مبنيا للمفعول (١٠) ، والقائم مقام الفاعل أحد المجرورات الثّلاث(١١) ، والأولى منها بذلك الأوّل ، لاحتياج العامل إلى مرفوعه ، فالذي يليه أولى (١٢) ، و «رجال» على هذه القراءة مرفوع على أحد وجهين : إمّا بفعل مقدّر لتعذّر إسناد الفعل إليه ، وكأنّه جواب سؤال مقدّر ، كأنه قيل : «من يسبّحه»؟ فقيل : «يسبّحه رجال» (١٣) ، وعليه في أحد الوجهين قول الشاعر :
٣٨٣٥ ـ ليبك يزيد ضارع لخصومة |
|
ومختبط ممّا تطيح الطّوائح (١٤) |
__________________
(١) انظر التبيان ٢ / ٩٧١.
(٢) في ب : عليهما الصلاة والسلام.
(٣) في ب : صلىاللهعليهوسلم.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٣.
(٥) في ب : يعني. وهو تحريف.
(٦) [البقرة : ١٢٧].
(٧) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤٥.
(٨) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٣.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٤.
(١٠) السبعة (٤٥٦) ، الحجة لابن خالويه (٢٦٢) ، الكشف ٢ / ١٣٩ ، النشر ٢ / ٣٣٢ الإتحاف (٣٢٥).
(١١) انظر الكشاف ٣ / ٧٨ ، التبيان ٢ / ٩٧١ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٨.
(١٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٥٨.
(١٣) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٥١٥ ، البيان ٢ / ١٩٦ ، التبيان ٢ / ٩٧١ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٨.
(١٤) البيت من بحر الطويل ، قاله نهشل بن حري كما في الخزانة ، ونسب أيضا إلى لبيد ، والحارث بن ضرار النهشلي. وقد تقدم.