والرّقراق : يكون بالعشايا. وهو ما ترقرق من السراب ، أي : جاء وذهب (١).
قوله : «بقيعة» فيه وجهان :
أحدهما : أنه متعلّق بمحذوف على أنه صفة ل «سراب» (٢).
والثاني : أنه ظرف ، والعامل فيه الاستقرار العامل في كاف التشبيه (٣).
والقيعة : بمعنى القاع ، قاله الزمخشري ، وهو المنبسط من الأرض (٤) ، وتقدم في «طه» (٥).
وقيل : بل هي جمعه ك «جار وجيرة» قاله الفراء (٦). وقرأ مسلمة بن محارب (٧) بتاء (ممطوطة(٨)) (٩) ، وروي عنه بتاء شكل الهاء ، ويقف عليها بالهاء (١٠) ، وفيها أوجه :
أحدها : أن يكون بمعنى «قيعة» كالعامة ، وإنّما أشبع الفتحة فتولّد منها ألف كقوله : مخرنبق لينباع (١١). قاله صاحب اللوامح (١٢).
والثاني : أنه جمع : «قيعة» وإنّما وقف عليها بالهاء ذهابا به مذهب لغة طيىء في قولهم : «الإخوه والأخواه» و «دفن البناه من المكرماه» (١٣) أي : والأخوات ، والبنات ، والمكرمات (١٤). وهذه القراءة تؤيد أن «قيعة» جمع قاع.
__________________
(١) اللسان (رقق). وانظر تفسير البغوي ٦ / ٩٧١.
(٢) انظر البيان ٢ / ١٩٧ ، والتبيان ٢ / ٩٧١.
(٣) انظر التبيان ٢ / ٩٧١.
(٤) الكشاف ٣ / ٧٨.
(٥) عند الحديث عن قوله تعالى : «فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفا ً» [طه : ٦٠١].
(٦) قال الفراء : (القيعة جمع القاع واحدها قاع ، كما قالوا : جار وجيرة) معاني القرآن ٢ / ٢٥٤.
(٧) هو مسلمة بن عبد الله بن محارب أبو عبد الله الفهري البصري النحوي ، له اختيار في القراءة ، لا أعلم على من قرأ عليه شهاب بن شرنفة. طبقات القراء ٢ / ٢٩٨.
(٨) قال ابن خالويه :(«كسراب بقيعات» بالمجمع مسلمة بن محارب) المختصر (١٠٢).
وانظر أيضا المحتسب ٢ / ١١٣ ، البحر المحيط ٦ / ٤٦٠ والتاء الممطوطة هي ما تسمى بالتاء المفتوحة.
(٩) ما بين القوسين في ب : مربوطة. وهو تحريف.
(١٠) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٦٠.
(١١) المخرنبق : المطرق الساكت الكاف. وقيل : هو المطرق المتربّص بالفرصة ، وقيل : هو الذي لا يجيب إذا كلم. وقوله : لينباع : أي ليثب. أمالي القالي ٢ / ٥١. وهو مثل يضرب به في الرجل يطيل الصمت حتى يحسب مغفلا ، وهو ذو نكراء. اللسان (خرنق).
وأتى بهذا المثل شاهدا على أنهم قد يشبعون الفتحة فيتولد بعدها ألف ، وقد جاء في اللسان (نبع) (ويقال : انباع الشجاع ينباع انبياعا إذا تحرك من الصف ماضيا ، فهذا ينفعل لا محالة لأجل ماضيه ومصدره). وعلى هذا فلا شاهد.
(١٢) سبقه إلى ذلك ابن جني. انظر المحتسب ٢ / ١١٣ ، والبحر المحيط ٦ / ٤٦٠.
(١٣) قال ابن عصفور : (وأبدلت من تاء التأنيث في الاسم في حال الإفراد في الوقف ، نحو طلحة وفاطمة.
وحكى قطرب عن طيىء أنهم يفعلون ذلك بالتاء من جمع المؤنث السالم فيقولون : كيف الإخوة والخواه ، وكيف البنون والبناه) الممتع ١ / ٤٠٢.
(١٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٦٠.