لأنهما عند الخصم واجبان على الله ، وقوله : (يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ) يقتضي عدم الوجوب.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ)(١٨)
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) الآية. لما قال : (وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ) أتبعه ببيان من يهديه ومن لا يهديه. واعلم أن (إن) الثانية واسمها وخبرها في محل رفع خبرا ل «أن» الأولى (١) قال الزمخشري (٢) : وأدخلت «إنّ» على كل واحد من جزأي الجملة لزيادة التأكيد ونحوه قول جرير :
٣٧٥١ ـ إنّ الخليفة إنّ الله سربله |
|
سربال ملك به ترجى الخواتيم (٣) |
قال أبو حيان : وظاهر هذا أنه شبه (٤) البيت بالآية ، وكذلك قرنه الزجاج (٥) بالآية ، ولا يتعين أن يكون البيت كالآية ، لأن البيت يحتمل أن يكون (إن الخليفة) (٦) خبره (به ترجى الخواتيم) ويكون (إنّ (٧) الله سربله) جملة اعتراض بين اسم (إنّ) وخبرها بخلاف الآية فإنه يتعين قوله : (إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ)(٨) وحسن دخول «إن» على الجملة الواقعة خبرا لطول الفصل بينهما بالمعاطيف (٩). قال شهاب الدين : قوله : فإنه يتعين قوله : (إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ)(١٠) يعني أن يكون خبرا. ليس كذلك ، لأن الآية محتملة لوجهين آخرين ذكرهما الناس :
__________________
(١) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ١٧١ ، التبيان ٢ / ٩٣٦.
(٢) الكشاف ٣ / ٢٨.
(٣) البيت من بحر البسيط قاله جرير ، اللسان (ختم) ، وقد تقدم.
(٤) في ب : أشبه.
(٥) قال الزجاج : (وخبر «إن» الأولى جملة الكلام مع «إن» الثانية. وقد زعم قوم أن قولك : إن زيدا إنه قائم. رديء. وأن هذه الآية إنما صلحت في الذي. ولا فرق بين الذي وغيره في باب (إن) ، إن قلت : إن زيدا إنه قائم كان جيدا ، ومثله قول الشاعر :
إنّ الخليفة إنّ الله سربله .. البيت
وليس بين البصريين خلاف في أن «إن» تدخل على كل ابتداء وخبر ، تقول : إن زيدا هو قائم ، وإن زيدا إنه قائم) معاني للقرآن وإعرابه ٣ / ٤١٧ ـ ٤١٨.
(٦) في ب : أن يكون كالخليفة. وهو تحريف.
(٧) إنّ سقط من ب.
(٨) أي : يتعين أن يكون خبرا.
(٩) البحر المحيط ٦ / ٣٥٩.
(١٠) في ب : «إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ».