الثاني : أن (ثَلاثُ عَوْراتٍ) بدل من الأوقات المذكورة ، قاله أبو البقاء (١). يعني قوله : «من قبل صلاة الفجر» وما عطف عليه ، ويكون بدلا على المحل ، فلذلك نصب.
الثالث : أن ينتصب بإضمار فعل.
فقدره أبو البقاء : «أعني» (٢) وأحسن من هذا التقدير : اتقوا ، أو احذروا ثلاث (٣).
فأما الثانية (٤) : ف «ثلاث» خبر مبتدأ محذوف تقديره : «هن (٥) ثلاث عورات» (٦).
وقدره أبو البقاء مع حذف مضاف ، فقال : أي : هي أوقات ثلاث عورات ، فحذف المبتدأ والمضاف (٧). قال شهاب الدين : وقد لا يحتاج إليه على جعل العورات نفس الأوقات مبالغة ، وهو المفهوم من كلام الزمخشري ، وإن كان قد قدر مضافا ، كما تقدم عنه.
قال الزمخشري : ويسمى كل واحد من هذه الأحوال عورة ، لأن الناس يختل تسترهم (٨) وتحفظهم فيها. والعورة : الخلال ، ومنه أعور الفارس ، وأعور المكان.
والأعور : المختل العين (٩). فهذا منه يؤذن بعدم تقدير «أوقات» مضاف ل «عورات» بخلاف كلامه أولا فيؤخذ من مجموع كلاميه وجهان (١٠).
وعلى قراءة الرفع وعلى الوجهين قبلها في تخريج قراءة (١١) النصب يوقف على ما قبل (ثَلاثُ عَوْراتٍ) لأنها ليست تابعة لما قبلها (١٢). وقرأ الأعمش : «عورات» بفتح الواو (١٣) ، وهي لغة هذيل وبني تميم ، يفتحون عين «فعلاء» واوا أو (١٤) ياء ، وأنشد :
٣٨٥٦ ـ أخو بيضات رائح متأوب |
|
رفيق بمسح المنكبين سبوح (١٥) |
فصل
المعنى : يستأذنوا في ثلاثة أوقات : من قبل صلاة الفجر ، وو قت القيلولة ، ومن بعد
__________________
(١) في ب : قاله أبو حيان. وهو تحريف. انظر التبيان ٢ / ٩٧٧.
(٢) قال أبو البقاء : (أو على إضمار (أعني)) التبيان ٢ / ٩٧٧.
(٣) في ب : ثلاثة.
(٤) وهي القراءة بالرفع.
(٥) في ب : عن. وهو تحريف.
(٦) انظر الكشاف ٣ / ٨٣.
(٧) التبيان ٢ / ٩٧٧ ، وقدره مكي (هذه ثلاث عورات) مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٢٦ ، وكذلك ابن الأنباري البيان ٢ / ١٩٩.
(٨) في الأصل : تصترهم. وهو تحريف.
(٩) الكشاف ٣ / ٨٣.
(١٠) الدر المصون ٦ / ١٣٠.
(١١) في ب : في قراءة تخريج.
(١٢) انظر منار الهدى في بيان الوقف والابتدا (٢٧٠).
(١٣) المختصر (١٠٣).
(١٤) في ب : و.
(١٥) البيت من بحر الطويل قاله أحد الهذليين ، والشاهد فيه قوله : بيضات بتحريك الياء بالفتح ، والمشهور إسكانها حتى لا تعل الياء بقلبها ألفا. والبيت جاء شاهدا على أن هذيلا وبني تميم يفتحون عين (فعلات) في الجمع إذا كانت واوا أو ياء. وتقدم تخريجه.