محذور ، وقوله : فيدفعه (١) إلى آخره ، لا تعارض فيه ، لأن المعنى : كل (٢) منكم ومن عبيدكم طائف على صاحبه ، وإن كان طواف أحد النوعين غير طواف الآخر ، لأنّ المراد الظهور على أحوال الشخص ، ويكون «بعضكم» بدلا من «طوّافون» و «على بعض» بدلا من عليكم بإعادة العامل ، فأبدلت مرفوعا من مرفوع ومجرورا من مجرور ، ونظيره قوله :
٣٨٥٧ ـ فلمّا قرعنا النّبع بالنّبع بعضه |
|
ببعض أبت عيدانه أن تكسّرا (٣) |
ف «بعضه» بدل من «النّبع» المنصوب ، و «ببعض» بدل من المجرور بالياء (٤).
الثالث : أنه مرفوع بفعل مقدر ، أي : يطوف بعضكم على بعض ، لدلالة «طوّافون» عليه ، قاله الزمخشري (٥). وقرأ ابن أبي عبلة : «طوّافين» بالنصب على الحال من ضمير «عليهم» (٦).
فصل
المعنى (لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ) يعني : العبيد والإماء والصبيان «جناح» في الدخول عليكم بغير استئذان «بعدهنّ» أي : بعد هذه الأوقات الثلاثة ، (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) أي : العبيد والخدم يطوفون عليكم : يترددون ويدخلون ويخرجون في أشغالهم بغير إذن (٧)(بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ). فإن قيل : هل يقتضي ذلك إباحة كشف العورة (لهم؟ فالجواب ، لا ، وإنما أباح تعالى ذلك من حيث كانت العادة لا تكشف العورة) (٨) في غير تلك الأوقات ، فمتى كشفت المرأة (٩) عورتها مع ظن دخول الخدم فذلك يحرم (١٠) عليها. فإن كان الخادم مكلفا حرم عليه الدخول إذا ظن أن هناك كشف عورة(١١).
فإن قيل : أليس في الناس من جوّز للبالغ من المماليك أن ينظر إلى شعر مولاته؟
فالجواب : من جوّز ذلك فالشعر عنده ليس بعورة في حق المماليك (١٢) كما هو في
__________________
(١) في النسختين : فيدمغه. وما أثبته هو الصواب.
(٢) في النسختين : كلا. وما أثبته هو الصراب.
(٣) البيت من بحر الطويل ، قاله النابغة الجعدي ، وهو في تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد (٣٣٤) منسوبا إلا زفر بن الحارث الكلابي. الهمع ١ / ٢٢٦. حاشية يس ١ / ٢٤٩ الدرر ١ / ١٩٣ ، قرعنا : تقاتلنا بالسهام وغيرها. النبع : شجر ينبت في الجبال تتخذ منه القسي. والشاهد فيه إبدال اسمين من اسمين ف (بعضه) بدل من (النبع) المنصوب و (ببعض) بدل من (بالبيع) المجرور بالباء ، وهو على إعادة العامل.
(٤) الدر المصون ٦ / ١٣١.
(٥) الكشاف ٣ / ٨٣.
(٦) انظر معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٩٠ ، البحر المحيط ٦ / ٤٧٣.
(٧) انظر البغوي ٦ / ١٤٤.
(٨) ما بين القوسين سقط من ب.
(٩) المرأة : تكملة من الفخر الرازي.
(١٠) في ب : محرم.
(١١) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٣٢.
(١٢) في الأصل : الممالك.