ما يطيف بالجبل (١). وقيل : اللّواذ : الروغان من شيء إلى شيء في خفية (٢) ، ووجه المفاعلة أنّ كلّا منهم يلوذ بصاحبه ، فالمشاركة موجودة.
وقرأ يزيد (٣) بن قطيب (٤) : «لواذا» بفتح اللام (٥) ، وهي محتملة لوجهين :
أحدهما : أن يكون مصدر «لاذ» ثلاثيا (٦) ، فيكون مثل «طاف طوافا» (٧).
والثاني : أن يكون مصدر «لاوذ» إلّا أنه فتحت الفاء إتباعا لفتحة العين (٨). وهو تعليل ضعيف يصلح لمثل هذه القراءة (٩).
فصل
المعنى : قال المفسرون : إن المنافقين كانوا يخرجون متسترين بالناس من غير استئذان حتى لا يروا. قال ابن عباس : كان المنافقون يثقل عليهم المقام في المسجد يوم الجمعة واستماع خطبة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فكانوا يلوذون ببعض أصحابه فيخرجون من المسجد في استتار (١٠) وقال مجاهد : يتسللون من الصف في القتال (١١). وقيل : كان هذا في حفر الخندق ينصرفون عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مختفين(١٢). وقيل : يعرضون عن الله وعن كتابه وعن ذكره وعن نبيه (١٣).
قوله : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ) فيه وجهان :
أشهرهما ، وهو الذي لا يعرف النحاة غيره (١٤) : أن الموصول هو الفاعل و (أَنْ تُصِيبَهُمْ)(١٥) مفعوله (١٦) ، أي : فليحذر المخالفون عن أمره إصابتهم فتنة.
والثاني : أن فاعل «فليحذر» ضمير مستتر ، والموصول مفعول به. وردّ هذا بوجوه (١٧) :
__________________
(١) اللسان (لوذ).
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٤٤.
(٣) في النسختين : زيد.
(٤) هو يزيد بن قطيب السكوني الشامي ، ثقه له اختيار في القراءة ينسب إليه. روى القراءة عن أبي بحرية عبد الله بن قيس صاحب معاذ بن جبل ، روى القراءة عنه أبو البرهسم عمران بن عثمان الحمصي ، وحدث عنه صفوان بن عمرو ، وغيره. طبقات القراء ٢ / ٣٨٢.
(٥) انظر المختصر (١٠٣) ، البحر المحيط ٦ / ٤٧٧.
(٦) في ب : أن يكون مصدرا ثلاثيا.
(٧) فلم تقلب الواو ياء ، لعدم الكسرة قبلها. انظر البحر المحيط ٦ / ٤٧٧.
(٨) المرجع السابق.
(٩) وجه الضعف أن القياس يقتضي أن يكون الثاني تابعا للأول ، لا العكس.
(١٠) هذا القول لمقاتل كما في الفخر الرازي ٢٤ / ٤٠.
(١١) المرجع السابق.
(١٢) في ب : يخرجون إلى مختفين.
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٤٠.
(١٤) في ب : عين.
(١٥) في الأصل تصيبه.
(١٦) انظر التبيان ٢ / ٩٧٩.
(١٧) في ب : الوجوه. وهو تحريف.