المشيدة ، والعرب تسمي كل بيت مشيد قصرا. ويحتمل أن يكون لكل جنة قصر فيكون مسكنا ومنتزها ، ويجوز أن يكون القصور مجموعة والجنات مجموعة.
وقال مجاهد : «إن شاء جعل لك جنات» في الآخرة وقصورا في الدنيا (١).
روي أنه ـ عليهالسلام (٢) ـ قال : «عرض عليّ ربّي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا ، فقلت : لا يا ربّ ، ولكن أشبع يوما وأجوع يوما ـ أو (٣) قال ثلاثا ، أو نحو هذا ـ فإذا جعت تضرّعت إليك ودعوتك ، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك» (٤) وروت عائشة قالت : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : لو شئت لسارت معي جبال الذهب جاءني ملك فقال : إنّ ربك يقرأ عليك السلام ويقول إن شئت كنت نبيا عبدا ، وإن شئت نبيا ملكا ، فنظرت إلى جبريل ـ عليهالسلام ـ فأشار إليّ أن ضع نفسك ، فقلت : نبيا عبدا قالت : وكان النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعد ذلك لا يأكل متكئا ، ويقول : آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد (٥) وعن ابن عباس قال : بينما رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ جالس وجبريل ـ عليهالسلام ـ معه فقال جبريل : «هذا ملك قد نزل من السّماء استأذن ربّه في زيارتك» فلم يلبث إلا قليلا حتى جاء الملك وسلم على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقال : «إنّ الله يخيرك أن يعطيك مفاتيح كلّ شيء لم يعط أحد قبلك ولا يعطيه أحدا بعدك من غير أن ينقصك مما أداك شيئا» فقال عليهالسلام (٦) : بل يجمعهما لي جميعا في الآخرة فنزل (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ) الآية (٧). قوله تعالى (٨) : (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ) أي : بالقيامة ، فلا يرجون ثوابا ولا عقابا فلا يتكلفون (٩) النظر والفكر ولهذا لا ينتفعون بما يورد عليهم من الدلائل. (وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً). قال أبو مسلم : «أعتدنا» أي : جعلناها عتيدا ومعدة (١٠) لهم ، والسعير : النار الشديدة الاستعار ، وعن الحسن : أنه اسم جهنم (١١).
فصل
احتج أهل السنة على أن الجنة مخلوقة بقوله تعالى : (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران : ١٣٣] وعلى أن النار التي هي دار العقاب مخلوقة بهذه الآية (١٢).
__________________
(١) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٥٤.
(٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٣) في ب : و.
(٤) أخرجه الترمذي (زهد) ٤ / ٦ ، أحمد ٥ / ٢٥٤ ، وانظر البغوي ٦ / ١٦٠ والفخر الرازي ٢٤ / ٥٤.
(٥) انظر البغوي ٦ / ١٦٠ ـ ١٦١ ، والفخر الرازي ٢٤ / ٥٤.
(٦) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٥٤ ، والدر المنثور ٥ / ٦٣ ـ ٦٤.
(٨) تعالى : سقط من ب.
(٩) في الأصل : يتكلفوا.
(١٠) في النسختين : معدا والتصويب من الفخر الرازي.
(١١) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٥٥.
(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٥٥.