وقرأ الأعرج (١) «نحشرهم» بكسر الشين (٢) في جميع القرآن.
قال ابن عطية : هي (٣) قليلة في الاستعمال قوية في القياس ، لأن يفعل بكسر العين في المتعدي أقيس من يفعل بضم العين (٤). وقال أبو الفضل الرازي : وهو القياس في الأفعال الثلاثية المتعدية ؛ لأن يفعل بضم العين قد يكون من اللازم الذي هو فعل بضمها في الماضي (٥). قال أبو حيان : وليس كما ذكرا (٦) بل فعل المتعدي الصحيح جميع حروفه إذا لم يكن للمبالغة ، ولا حلقي عين ولا لام فإنه جاء على يفعل ويفعل كثيرا ، فإن شهر أحد (٧) الاستعمالين اتّبع وإلا فالخيار حتى إن بعض أصحابنا خيّر فيهما سمعا للكلمة أم لم يسمعا (٨).
قال شهاب الدين : الذي خيّر في ذلك ابن عصفور ، فيجيز (٩) أن يقول : زيد يفعل بكسر العين ، ويضرب بكسر الراء مع سماع الضم في الأول والكسر في الثاني (١٠) وسبقه إلى ذلك ابن درستويه(١١) (إلا أن) (١٢) النحاة على خلافه (١٣).
قوله : (وَما يَعْبُدُونَ) عطف على مفعول «يحشرهم» ، ويضعف نصبه على المعية (١٤) ، وغلب غير العاقل عليه فأتي ب «ما» دون «من».
__________________
(١) في ب : الأعمش ، وهو تحريف.
(٢) المحتسب ٢ / ١١٩ ، تفسير ابن عطية ١١ / ١٦ ، البحر المحيط ٦ / ٤٨٨.
(٣) في ب : وهي.
(٤) تفسير ابن عطية ١١ / ١٦ ، وانظر توجيه ابن جني لهذه القراءة في المحتسب ٢ / ١١٩.
(٥) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٨٨.
(٦) في ب : ذكر.
(٧) في ب : أحدا. وهو تحريف.
(٨) البحر المحيط ٦ / ٤٨٨.
(٩) في ب : فحير. وهو تحريف.
(١٠) وذلك أن فعل المتعدي الصحيح جميع حروفه إذا لم يكن للمبالغة ، ولم تكن عينه أو لامه حرفا حلقيا ، ولا مضعفا ، يكون مضارعه على (يفعل ، ويفعل) بكسر العين وضمها نحو ضرب يضرب ، وقتل يقتل ، وجلس يجلس ، وقعد يقعد إلا أن ابن عصفور جوز الجمع بينهما في الفعل الواحد ، قال : (وقد يجتمعان في الفعل الواحد ، نحو : عكف يعكف ويعكف ، وهما جائزان سمعا للكلمة أو لم يسمع إلا أحدهما) الممتع ١ / ١٧٥.
(١١) تقدم.
(١٢) ما بين القوسين في ب : لأن.
(١٣) قال الرضي : (فقالوا قياس مضارع فعل المفتوح عينه إما الضم أو الكسر ، وتعدى بعض النحاة ـ وهو أبو زيد ـ هذا ، وقال : كلاهما قياس ، وليس أحدهما أولى به من الآخر ، إلا أنه ربما يكثر أحدهما في عادة ألفاظ الناس حتى يطرح الآخر ، ويقبح استعماله ، فإن عرف الاستعمال فذاك ، وإلا استعملا معا ، وليس على المستعمل شيء ، وقال بعضهم : بل القياس الكسر ، لأنه أكثر ، وأيضا هو أخفّ من الضم) شرح الشافية ١ / ١١٧ ـ ١١٨. وانظر الدر المصون ٥ / ١٣٠.
(١٤) جوز أبو البقاء الوجهين. التبيان ٢ / ٩٨٢.