وقيل : الهباء ما تطاير من شرر النّار إذا أضرمت (١) ، والواحدة هباءة على حد تمر وتمرة. و «منثورا» أي (٢) : مفرّقا ، نثرت الشيء فرّقته. والنّثرة (٣) لنجوم متفرقة (٤). والنّثر : الكلام غير المنظوم على المقابلة بالشعر.
قال ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير : هو (٥) ما تسفيه الرياح ، وتذريه من التراب ، (وحطام الشجر (٦)) (٧).
وقال مقاتل : هو ما يسطع (٨) من حوافر الدواب عند السير (٩).
وفائدة الوصف به أنّ الهباء تراه منتظما مع الضوء ، فإذا حرّكته تفرّق ، فجيء بهذه الصفة لتفيد ذلك (١٠). وقال الزمخشري : أو مفعول ثالث (١١) ل «جعلناه» أي : فجعلناه جامعا لحقارة الهباء والتناثر (١٢) ، كقوله : «كونوا» (١٣)(قِرَدَةً خاسِئِينَ) [الأعراف : ٦٦] أي : جامعين للمسخ والخسأ (١٤).
قال أبو حيان : وخالف (١٥) ابن درستويه ، فخالف النحويين في منعه أن يكون ل (كان) خبران وأزيد (١٦) ، وقياس قوله في (جعل) أن يمنع (١٧) أن يكون لها خبر ثالث (١٨).
قال شهاب الدين : مقصوده أن كلام الزمخشري مردود قياسا على ما منعه ابن درستويه من تعديد (١٩) خبر (كان) (٢٠).
قوله : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) أي : من هؤلاء المشركين المستكبرين. (وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) موضع قائلة (٢١). وفي (أفعل) هاهنا قولان :
أحدهما : أنها على بابها من التفضيل ، والمعنى : أن المؤمنين خير في الآخرة
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٧٨.
(٢) في ب : و. وهو تحريف.
(٣) والنثرة : سقط من ب.
(٤) اللسان (نثر).
(٥) في ب : وهو.
(٦) انظر البغوي ٦ / ١٦٩.
(٧) ما بين القوسين سقط من ب.
(٨) في ب : يستطير.
(٩) انظر البغوي ٦ / ١٦٩.
(١٠) انظر الكشاف ٣ / ٩٤ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٢.
(١١) في ب : ثان. وهو تحريف.
(١٢) في ب : المتناثر.
(١٣) كونوا : سقط من ب.
(١٤) الكشاف ٣ / ٩٤. والخسء : الطرد والدحر. اللسان (خسأ).
(١٥) في الأصل : وخالفه.
(١٦) ذهب ابن درستويه وابن أبي الربيع إلى منع تعدد خبر (كان) وقالا : ووجهه أن هذه الأفعال شبهت بما يتعدى إلى واحد فلا يزاد على ذلك والمجوزون قالوا : هو في الأصل خبر مبتدأ ، فإذا جاز تعدده مع العامل الأضعف وهو الابتداء فمع الأقوى أولى. انظر الهمع ١ / ١١٤.
(١٧) أن يمنع : سقط من ب.
(١٨) البحر المحيط ٦ / ٤٩٣.
(١٩) في ب : تقدير. وهو تحريف.
(٢٠) الدر المصون ٥ / ١٣٤.
(٢١) انظر البغوي ٦ / ١٧٠.