قوله (١) : (ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ) أي : الأشباه في إقامة الحجة عليهم فلم نهلكهم إلا بعد الإنذار (٢). وقيل : بيّنّا لهم وأزحنا عللهم فلما كذبوا «تبّرناهم تتبيرا» أي (٣) : أهلكناهم إهلاكا (٤). وقال الأخفش : كسرنا تكسيرا.
قال الزجاج : كل شيء كسرته وفتّتّه فقد تبّرته (٥).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً (٤٠) وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً (٤١) إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً)(٤٢)
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ)(٦) الآية. أراد بالقرية قريات لوط ، وكانت خمس قرى ، فأهلك الله منها أربعا ونجت واحدة ، وهي (صقر) (٧) كان أهلها لا يعملون العمل الخبيث. يعني أن قريشا مرّوا مرورا كثيرا إلى الشام على تلك القرى ، (الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ) أي : أهلكت بالحجارة من السماء ، «أفلم (٨) يكونوا يرونها» في مرورهم وينظروا إلى آثار عذاب الله ونكاله فيعتبروا ويتذكروا (٩).
قوله : (مَطَرَ السَّوْءِ) فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه مصدر على حذف الزوائد أي : أمطار السوء.
الثاني : أنه مفعول ثان ؛ إذ المعنى : أعطيتها وأوليتها مطر السوء.
الثالث : أنه نعت مصدر محذوف ، أي : أمطارا (١٠) مثل مطر (١١) السوء (١٢) وقرأ زيد بن عليّ «مطرت» ثلاثيا مبنيا (للمفعول) (١٣)(١٤) ، ومطر متعد قال :
٣٨٧٥ ـ كمن بواديه بعد المحل ممطور (١٥)
__________________
(١) في الأصل : فصل.
(٢) انظر البغوي ٦ / ١٧٩.
(٣) أي : سقط من الأصل.
(٤) انظر البغوي ٦ / ١٧٩.
(٥) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٦٨.
(٦) مطر السوء : سقط من ب.
(٧) في ب : صغيره. وهو تحريف.
(٨) أفلم : سقط من ب.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٨٤.
(١٠) في ب : أمطار. وهو تحريف.
(١١) في ب : أمطار. وهو تحريف.
(١٢) انظر التبيان ٢ / ٩٨٦ ـ ٩٨٧.
(١٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٥٠٠.
(١٤) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٥) عجز بيت من بحر البسيط ، وصدره :
إنّي وإياك إذ حلّت بأرحلنا
قاله الفرزدق يمدح يزيد بن عبد الملك ، وهو في ديوانه ١ / ٢١٣. الكتاب ٢ / ١٠٦ ، البحر المحيط ٦ / ٥٠٠ ، المغني ١ / ٣٢٨ ، شرح شواهده ٢ / ٧٤١. المحل : الجدب. الممطور : الذي نزل به المطر.
والشاهد فيه قوله : ممطور ، فإنه اسم مفعول من مطرته السماء فهو ممطور فالثلاثي متعد. وفيه شاهد ـ