وقرأ أبو السمال (مَطَرَ السَّوْءِ) بضم السين (١) ، وتقدم الكلام على السوء والسوء في براءة(٢). وقوله : (أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ) إنما عدّي (أتى) ب (على) ، لأنه ضمّن معنى مرّ.
قوله (٣) : (بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً) في هذا الرجاء ثلاثة أوجه :
أقواها ما قاله القاضي : وهو أنه محمول على حقيقة الرجاء ؛ لأن الإنسان لا يحتمل متاعب التكليف إلا رجاء ثواب الآخرة ، فإذا لم يؤمن بالآخرة لم يرج ثوابها فلا يتحمل تلك المشاق.
وثانيها : معناه لا يتوقعون نشورا ، فوضع الرجاء موضع التوقّع ؛ لأنه إنما يتوقع العاقبة من يؤمن.
وثالثها : معناه : (لا يخافون) على اللغة التهامية. وهو ضعيف (٤).
قوله (٥) : (وَإِذا رَأَوْكَ)(٦) الآية. لما بين مبالغة المشركين في إنكار نبوته (٧) بإيراد الشبهات بين بعد ذلك أنهم إذا رأوا الرسول اتخذوه هزوا ، ولم يقتصروا على ترك الإيمان به بل زادوا عليه بالاستهزاء والاستحقار ، ويقول بعضهم لبعض : «أهذا (٨) الّذي بعث الله رسولا» (٩).
قوله : (إِنْ يَتَّخِذُونَكَ) «إن» الأولى (١٠) نافية ، والثانية (١١) مخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة (١٢) بينهما (١٣) ، و «هزوّا مفعول ثان (١٤) ، ويحتمل أن يكون التقدير : موضع هزء وأن يكون مهزوءا بك (١٤). وهذه الجملة المنفية تحتمل وجهين :
أحدهما : أنها جواب (إذا) الشرطية (١٥) ، واختصت (إذا) بأن جوابها متى كان منفيا ب (ما) أو (إن) أو (لا) لا تحتاج إلى الفاء بخلاف غيرها من أدوات الشرط (١٦) فعلى هذا يكون قوله : (أَهذَا الَّذِي) في محل نصب بالقول المضمر ، وذلك القول المضمر في محل نصب على الحال ، أي : إن يتخذونك قائلين ذلك (١٧).
__________________
ـ آخر : وهو جري (ممطور) على (من) النكرة المبهمة نعتا لها لازما لزوم الصلة.
(١) انظر تفسير ابن عطية ١١ / ٤٢ ، البحر المحيط ٦ / ٥٠٠ ، وفيه : وقرأ أبو السماك.
(٢) يشير إلى قوله تعالى : «عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ»[التوبة : ٩٨].
(٣) في ب : وقوله.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٨٤.
(٥) في ب : قوله تعالى.
(٦) في النسختين : «وإذا راك الذين كفروا». وهو خطأ من الناسخ. [الأنبياء : ١٦].
(٧) في ب : النبوة.
(٨) «أ» في «أهذا» : سقط من ب.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٨٤.
(١٠) في قوله : «إِنْ يَتَّخِذُونَكَ».
(١١) في قوله : «إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا».
(١٢) في ب : المفارقة.
(١٣) انظر الكشاف ٣ / ٩٨ ، البيان ٢ / ٢٠٥ ، ٢٠٦.
(١٤) في ب : وهزّا.
(١٤) في ب : وهزّا.
(١٥) انظر البيان ٢ / ٢٠٥.
(١٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٥٠٠.
(١٧) والتقدير : وإذا رأوك ما يتخذونك إلا هزوا قائلين أهذا الذي بعث الله رسولا. انظر البيان ٢ / ٢٠٥.