القلب المذكور في شيء إنما هو تقديم وتأخير فقط (١).
وقرأ ابن هرمز «إلاهة هواه» على وزن فعالة (٢) ، والإلهة بمعنى المألوه ، والهاء للمبالغة ك (علّامة ونسّابة). و «إلاهة» مفعول ثاني قدم لكونه نكرة ولذلك صرف. وقيل : إلاهة هي الشمس ، ورد هذا بأنه (٣) كان ينبغي أن يمتنع (٤) من الصرف للعلمية والتأنيث. وأجيب بأنها يدخل عليها (أل) (٥) كثيرا فلما نزعت منها صارت نكرة جارية مجرى الأوصاف. ويقال : ألاهة بضم الهمزة للشمس (٦) وقرأ بعض المدنيّين «آلهة هواه» جمع إله (٧) ، وهو أيضا مفعول مقدم وجمع باعتبار الأنواع ، فقد كان الرجل يعبد آلهة شتى. ومفعول (أَرَأَيْتَ) الأول «من» والثاني الجملة الاستفهامية (٨).
فصل
قال ابن عباس : الهوى إله يعبد (٩). وقال سعيد بن جبير : كان الرجل من المشركين يعبد الحجر ، فإذا رأى حجرا أحسن منه طرح الأول وأخذ الآخر وعبده (١٠). (أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) أي: حافظا تحفظه من اتباع هواه ، أي لست كذلك ، ونظيره : (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) [الغاشية : ٢٢] (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) [ق : ٤٥] (لا (١١) إِكْراهَ فِي الدِّينِ)(١٢) ، قال الكلبي: نسختها آية القتال (١٣). (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ) يسمعون ما تقول سماع طالب الإفهام ، أو يعقلون ما يعاينون من الحجج والأعلام. و «أم» هنا منقطعة بعنى : بل. (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ) في عدم انتفاعهم بالكلام ، وعدم تدبرهم ، وتفكرهم ، بل هم أضل سبيلا لأن البهائم تهتدي لمراعيها ومشاربها ، وتنقاد لأربابها التي تتعهدها ، (وتطلب ما ينفعها ، وتجتنب ما يضرها ، وقلوب الأنعام خالية عن العلم ، وعن الاعتقاد الفاسد ، وهؤلاء قلوبهم خالية عن العلم ومليئة من الاعتقاد والباطل ، وعدم علم الأنعام لا يضر بأحد ، وجهل هؤلاء منشأ للضرر العظيم ، لأنهم يصدون الناس عن سبيل الله ، والبهائم لا تستحق عقابا على عدم العلم ، وهؤلاء يستحقون على عدم العلم أعظم العقاب) (١٤) ، وهؤلاء الكفار لا يعرفون طريق الحق ولا يطيعون ربهم الذي خلقهم ورزقهم ، ولأن الأنعام تسجد وتسبح الله ، وهؤلاء الكفار لا
__________________
(١) الدر المصون ٥ / ١٣٩.
(٢) انظر المحتسب ٢ / ١٢٣ ، البحر المحيط ٦ / ٥٠١.
(٣) في ب : بأن.
(٤) في ب : تمنع.
(٥) في ب : أن. وهو تحريف.
(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٥٠١.
(٧) المرجع السابق.
(٨) المرجع السابق.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٨٦.
(١٠) المرجع السابق.
(١١) في ب : ولا. وهو تحريف.
(١٢) ق : ٤٥.
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٨٦.
(١٤) ما بين القوسين سقط من الأصل.