قال (١) أبو مسلم : وقياس العربية أن يقال : مظهورا ، أي : مستخف به متروك وراء الظهر ، فقيل فيه : ظهير بمعنى مظهور ، ومعناه : هين على الله أن يكفر الكافر ، وهو تعالى مستهين بكفره (٢).
والمراد بالكافر قيل : أبو جهل ، لأن الآية نزلت فيه. والأولى (٣) حمله على العموم لأن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ (٤). قيل : ويجوز أن يريد بالظهير (٥) الجماعة كقوله : (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) [التحريم : ٤] كالصديق والخليط ، فعلى هذا يكون المراد بالكافر الجنس ، وأن بعضهم مظاهر لبعض على إطفاء نور الله قال تعالى : (وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ)(٦) [الأعراف : ٢٠٢].
قوله : (عَلى رَبِّهِ) يجوز أن يتعلق ب «ظهيرا» ، وهو الظاهر ، وأن يتعلق بمحذوف على أنه خبر «كان» و «ظهيرا» حال (٧) ، والظهير المعاون (٨).
قوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً) أي : منذرا ، ووجه (٩) تعلقه بما تقدم أن الكفار يطلبون العون على الله ورسوله والله تعالى بعث رسوله لنفعهم ، لأنه بعثه (١٠) ليبشرهم على الطاعة و (١١) ينذرهم على المعصية ، فيستحقوا الثواب ، ويحترزوا عن العقاب فلا جهل أعظم من جهل من استفرغ جهده في إيذاء شخص استفرع جهده في إصلاح مهماته دينا ودنيا ، ولا يسألهم على ذلك ألبتة (١٢) أجرا (١٣).
قوله : (إِلَّا مَنْ شاءَ) فيه وجهان :
أحدهما : هو منقطع ، أي : لكن من يشاء (أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) فليفعل (١٤).
والثاني : أنه متصل على حذف مضاف ، يعني : إلا أجر من ، أي : الأجر الحاصل على دعائه إلى الإيمان وقبوله ، لأنه تعالى يأجرني (١٥) على ذلك. حكاه أبو حيان (١٦) وفيه نظر ، لأنه لم يسند السؤال المنفي في الظاهر إلى الله تعالى إنما أسنده إلى المخاطبين فكيف يصح هذا التقدير.
فصل
المعنى : ما أسألكم على تبليغ الوحي من أجر ، فتقولوا إنما يطلب محمد أموالنا بما يدعونا إليه فلا نتبعه (١٧).
__________________
(١) في الأصل : قاله.
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٠٢.
(٣) في الأصل : والأول. وهو تحريف.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٠٢.
(٥) في ب : بالظهر.
(٦) [الأعراف : ٢٠٢]. وانظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٠٢.
(٧) انظر التبيان ٢ / ٩٨٨.
(٨) انظر الكشاف ٣ / ١٠١.
(٩) في ب : ووجه تعلقها.
(١٠) في ب : بعثهم.
(١١) و : سقط من ب.
(١٢) في ب : البتة على ذلك.
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٠٢.
(١٤) انظر إعراب القرآن للنحاس ٣ / ١٦٤ ـ ١٦٥ ، البيان ٢ / ٢٠٦.
(١٥) في ب : يؤجرني.
(١٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٥٠٨.
(١٧) انظر البغوي ٦ / ١٨٧.