فمن فرط في عمل في أحدهما قضاه في الآخر ، جاء رجل إلى عمر بن الخطاب (١) فقال فاتتني الصلاة الليلة فقال : أدرك ما فاتتك من ليلتك في نهارك فإن الله عزوجل جعل الليل والنهار خلفة. وقال مجاهد وقتادة والكسائي : يقال لكل شيئين اختلفا : هما خلفان ، فقوله : «خلفة» أي مختلفين ، هذا أسود ، وهذا أبيض ، وهذا طويل ، وهذا قصير. والأول أقرب (٢).
«لمن أراد أن يذّكّر» قراءة العامة (٣) بالتشديد ، وقرأ حمزة بالتخفيف (٤) ، وعن أبيّ بن كعب «يتذكر» (٥). والمعنى : لينظر الناظر في اختلافهما ، فيعلم أنه لا بد في انتقالهما من حال إلى حال ، من ناقل ومغير فيتعظ (٦).
(أَوْ أَرادَ شُكُوراً) قال مجاهد : أي شكر نعمة ربه عليه (٧) فيها (٨). والشّكور بالضم مصدر شكر شكورا بمعنى الشّكر ، وبالفتح صيغة مبالغة (٩).
قوله تعالى : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (٦٤) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً (٦٥) إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٦٦) وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً)(٦٧)
قوله تعالى : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ) عبد الرحمن رفع بالابتداء ، وفي خبره وجهان :
أحدهما : الجملة الأخيرة في آخر السورة (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ)(١٠) ، وبه بدأ الزمخشري (١١) ، و (الَّذِينَ يَمْشُونَ) وما بعده صفات للمبتدأ.
والثاني : أن الخبر «يمشون» (١٢). والعامة على «عباد» ، [واليمانيّ بضم العين وتشديد الباء جمع عابد (١٣) ، والحسن «عبد» بضمتين (١٤).
__________________
(١) في ب : عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ.
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٠٦.
(٣) غير حمزة.
(٤) السبعة (٤٦٦) ، الكشف ٢ / ١٤٧ ، النشر ٢ / ٣٣٤ ، الإتحاف (٣٣٠).
(٥) الكشاف ٣ / ١٠٣ ، تفسير ابن عطية ١١ / ٦٤.
(٦) انظر الكشاف ٣ / ١٠٣ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٠٧.
(٧) عليه : سقط من الأصل.
(٨) انظر البغوي ٦ / ١٩١.
(٩) انظر اللسان (شكر).
(١٠) من الآية (٧٥).
(١١) انظر الكشاف ٣ / ١٠٣.
(١٢) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٧٤ ـ ٧٥ ، الكشاف ٣ / ١٠٣ ، البيان ٢ / ٢٠٨ ، التبيان ٢ / ٩٩٠ ، البحر المحيط ٦ / ٥١٢.
(١٣) المختصر (١٠٥) ، البحر المحيط ٦ / ٥١٢.
(١٤) انظر تفسير ابن عطية ١١ / ٦٥ ، البحر المحيط ٦ / ٥١٢.