«كل فجاج مكة منحر ، (وكل فجاج منى منحر») (١)(٢). قال القفال : هذا إنما يختص بالهدايا التي تبلغ منى ، فأما الهدي المتطوع به إذا عطب قبل بلوغ مكة فإن محلها موضعه (٣).
ومن قال : الشعائر المناسك فإن (٤) معنى قوله : (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) أي : محل الناس من إحرامهم إلى البيت العتيق أن يطوفوا به طواف الزيارة (يوم النحر) (٥)(٦).
قوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) الآية (٧). قرأ الأخوان (٨) هذا وما بعده (٩) «منسكا» بالكسر. والباقون بالفتح (١٠).
فقيل : هما بمعنى واحد ، والمراد بالمنسك مكان النسك أو المصدر (١١). وقيل : المكسور مكان(١٢) ، والمفتوح مصدر (١٣).
قال ابن عطية : والكسر في هذا من الشاذ ولا يسوغ فيه القياس ، ويشبه أن يكون الكسائي سمعه من العرب (١٤). قال شهاب الدين : وهذا الكلام منه غير مرضي ، كيف يقول : ويشبه أن يكون الكسائي سمعه. والكسائي يقول : قرأت به. فكيف يحتاج إلى سماع مع تمسكه بأقوى السماعات ، وهو روايته لذلك قرأنا متواترا. وقوله : من الشاذ : يعني قياسا لا استعمالا فإنه فصيح في الاستعمال ، وذلك أن فعل يفعل بضم العين في المضارع قياس الفعل منه أن يفتح عينه مطلقا ، أي : سواء أريد به الزمان أم المكان أم
__________________
(١) أخرجه ابن ماجه (مناسك) ٢ / ١٠١٣ ، الدارمي (مناسك) ٢ / ٥٧ ومالك (حج) ١ / ٣٩٣ ، ٨٢٤.
(٢) ما بين القوسين سقط من ب.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٣٥.
(٤) في ب : قال.
(٥) انظر البغوي ٥ / ٥٨٣ ـ ٥٨٤.
(٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(٧) الآية : سقط من ب.
(٨) الكسائي وحمزة.
(٩) وهو قوله تعالى.«لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ» من الآية (٦٧) من السورة نفسها.
(١٠) السبعة (٤٣٦) ، الكشف ٢ / ١١٩ ، النشر ٢ / ٣٢٦ ، الإتحاف (٣١٥).
(١١) وذلك أن المصدر الميمي من الثلاثي يكون على مفعل بفتح العين إلا إذا كان مثالا واويّا صحيح اللام وقد حذفت فاؤه في المضارع نحو وضع أو كان المثال الواوي من باب فعل يفعل نحو وجل ووجل فالمصدر على مفعل الموحل وموضع واسم المكان من الثلاثي الذي يكون مضارعه على يفعل يكون على مفعل ، فاسم المكان من خرج وكتب مخرج ومكتب. انظر شرح الشافية ١ / ١٦٨ ـ ١٧٠ ، ١٨١.
(١٢) اسم المكان الذي على مفعل من الثلاثي الذي مضارعه يفعل خارج عن القياس إلا أنه قد جاء منه كلمات سمع في عينها الفتح والكسر ، وهي المفرق والمحشر ، والمسجد والمنسك. ولا يخفى أن الكسر وإن كان خارجا عن القياس إلا أنه فصيح الاستعمال. انظر شرح الشافية ١ / ١٨١.
(١٣) انظر التبيان ٢ / ٩٤١.
(١٤) يبدو أن ابن عادل نقل نص ابن عطية من البحر المحيط ٦ / ٣٦٨ ـ ٣٦٩ ، والنص كما في تفسير ابن عطية : (والكسر في هذا من الشاذ في اسم المكان أن يكون (مفعل) من فعل يفعل ، مثل مسجد من ـ