شيء (١). وهذه لا تخالف قراءة العامة لفظا وإنما يظهر مخالفتها لها وقفا وخطا. ثم قال : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) أي : يتصدقون فهم خائفون خاشعون متواضعون لله مشتغلون بخدمة ربهم بالبدن والنفس والمال.
قوله تعالى : (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦) لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)(٣٧)
قوله تعالى : (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) الآية. العامة على نصب «البدن» على الاشتغال (٢) ، ورجح النصب وإن كان محوجا للإضمار على الرفع الذي لم يحوج إليه ، لتقدم جملة فعلية على جملة الاشتغال وقرىء (٣) برفعها على الابتداء والجملة بعدها الخبر (٤) والعامة أيضا (٥) على تسكين الدال (٦). وقرأ الحسن ويروى عن نافع وشيخه أبي جعفر بضمها (٧) ، وهما جمعان لبدنة نحو ثمرة (٨) وثمر وثمر (٩) ، فالتسكين يحتمل (١٠) أن يكون تخفيفا من المضموم وأن يكون أصلا وقيل : البدن والبدن جمع بدن ، والبدن جمع بدنة نحو خشبة وخشب ثم يجمع خشبا على خشب وخشب (١١). وقيل : البدن اسم مفرد لا جمع يعنون اسم الجنس (١٢). وقرأ ابن أبي إسحاق : «البدنّ» بضم الباء والدال وتشديد النون (١٣) وهي تحتمل وجهين :
أحدهما : أنه قرأ كالحسن فوقف على الكلمة وضعف لامها (١٤) ، كقولهم : هذا فرج ثم أجري الوصل مجرى الوقف في ذلك (١٥) ويحتمل أن يكون اسما على فعل كعتل (١٦).
__________________
(١) تفسير ابن عطية ١٠ / ٢٧٩ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٩.
(٢) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ٤٢٧ ، البيان ٢ / ١٧٦ ، التبيان ٢ / ٩٤٢ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٩.
(٣) في ب : وقرأ. وهو تحريف.
(٤) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ٤٢٧ ، التبيان ٢ / ٩٤٢ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٩.
(٥) في الأصل : بعدها أيضا.
(٦) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٢٨١ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٩.
(٧) المختصر (٩٥) ، وتفسير ابن عطية ١٠ / ٢٨١ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٩.
(٨) ثمرة سقط من ب.
(٩) انظر التبيان ٢ / ٩٤٢ ، القرطبي ١٢ / ٦٠.
(١٠) في ب : على.
(١١) انظر التبيان ٢ / ٩٤٢.
(١٢) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٢٨٠.
(١٣) المختصر (٩٥) ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٩.
(١٤) في ب : لأنها. وهو تحريف.
(١٥) أي : أنه وقف على المنصوب غير المنون بالتضعيف ، ثم وصل ، فأجرى الوصل مجرى الوقف.
انظر ابن يعيش ٩ / ٦٧ ـ ٦٩ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٩.
(١٦) لأن (فعلّ) من أوزان الثلاثي المزيد فيه حرف واحد ، ويكون في الاسم نحو جبنّ والصفة نحو قمدّ ، عتلّ. الممتع ١ / ٨٦ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٩.