وقول الآخر :
٣٧٦٧ ـ وكسوت عار لحمه (١)
ويدل على هذه قراءة بعضهم «صوافي» بياء ساكنة من غير تنوين نحو رأيت القاضي يا فتى. بسكون الياء. ويجوز أن يكون سكن الياء في هذه القراءة للوقف ثم أجرى الوصل مجراه (٢).
وقرأ العبادلة (٣) ومجاهد والأعمش «صوافن» (٤) بالنون جمع صافنة (٥) ، وهي التي تقوم على ثلاثة وطرف الرابعة أي : على طرف سنبكه (٦) ، لأن البدنة تعلق (٧) إحدى يديها ، فتقوم على ثلاثة إلا أن الصوافن إنما يستعمل في الخيل كقوله : (الصَّافِناتُ الْجِيادُ)(٨) كما سيأتي ، فيكون استعماله في الإبل استعارة.
فصل
سميت البدنة بدنة لعظمها يريد الإبل العظام الصحاح الأجسام ، يقال : بدن الرجل بدنا وبدانة: إذا ضخم ، فأما إذا أسن واسترخى يقال : بدّن تبدينا (٩).
(جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) أي : من أعلام دينه ، سميت شعائر ، لأنها تشعر ، وهو أن تطعن بحديدة في سنامها فيعلم أنها هدي. (لَكُمْ فِيها خَيْرٌ) النفع في الدنيا والأجر في العقبى (١٠). (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها) عند نحرها «صوافّ» أي قياما على ثلاث قوائم قد صفت رجليها وإحدى يديها ويدها اليسرى معقولة فينحرها كذلك لما روى زياد بن جبير (١١)
__________________
ـ الدراهم. والشاهد فيه تسكين الياء من (أيديهن) في حالة النصب لأنها اسم (كأن) حملا على المرفوع والمجرور. وهي لغة لبعض العرب.
(١) شطر بيت من الكامل لم أجد له سابقا ولا لاحقا فيما رجعت إليه من مراجع وهو في البحر المحيط ٦ / ٣٦٩ ، والشاهد فيه إجراء (عار) في حالة النصب مجراه في حالة الجر من حذف الياء وتعويض التنوين.
(٢) وذلك أن المنقوص في حالة النصب عند الوقف عليه تثبت الياء لأنها قد قويت بالحركة في حال الوصل وجرت مجرى الصحيح فلم تحذف عند الوقف. شرح المفصل ٩ / ٧٥.
(٣) هم عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس.
(٤) في الأصل : صواف. وهو تحريف.
(٥) المختصر (٩٥) ، المحتسب ٢ / ٨١ ، تفسير ابن عطية ١٠ / ٢٨١ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٩.
(٦) السنبك : طرف الحافر وجانباه من قدام ، وجمعه سنابك. اللسان (سنبك) وصفنت الدابة تصفن صفونا : قامت على ثلاث وثنت سنبك يدها الرابع.
(٧) في ب : تعقل.
(٨) من قوله تعالى : «إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ»[ص : ٣١].
(٩) انظر البغوي ٥ / ٥٨٥ ـ ٥٨٦.
(١٠) انظر البغوي ٥ / ٥٨٦.
(١١) هو زياد بن جبير بن حية الثقفي ، أخذ عن أبيه وسعد ، وأخذ عنه يونس بن عون وابن عبيد. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ١ / ٣٤٢.