والاستقرار ، وجاء بخبر المبتدأ في هذه الجملة فعلا مضارعا ، دلالة على أن ذلك متجدد كل وقت ، غير منقطع (١). ويحتمل أن تكون مستأنفة غير داخلة في حيز الموصول (٢). قال الزمخشري : ويحتمل أن تتم الصلة عنده ، أي : عند قوله : «وهم» ، قال : وتكون الجملة اعتراضية (٣).
يريد أن الصلة تمت عند الزكاة ، فيجوز فيه (٤) ذلك ، وإلا فكيف يصح ـ إذا أخذنا بظاهر كلامه ـ أن الصلة تمت عند قوله (٥) : «وهم» (٦) وتسمية هذا اعتراضا : يعني من حيث المعنى وسياق الكلام ، وإلا فالاعتراض في الاصطلاح : إنما يكون بين متلازمين من مبتدأ أو خبر ، وشرط وجزاء ، وقسم وجوابه ، وتابع ومتبوع ، وصلة وموصول ، وليس هنا شيء من ذلك.
فإن قيل : إن المؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة لا بد وأن يكونوا متيقنين بالآخرة ، فما وجه ذكره مرة أخرى؟
فالجواب من وجهين :
الأول (٧) : أن الذي يستفاد منه طرق للنجاة هو معرفة المبدأ ، ومعرفة المعاد ، والعمل الصالح ، وأشرفه الطاعة بالنفس والطاعة بالمال ، فقوله : «للمؤمنين» ، أي (٨) : الذين يؤمنون بالغيب وهو إشارة إلى معرفة المبدأ ، وقوله (٩) : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) ، إشارة إلى الطاعة بالنفس والمال ، وقوله : (وَهُمْ (١٠) بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) إشارة إلى علم المعاد ، فكأنه تعالى جعل معرفة المبدأ طرفا أولا ، ومعرفة المعاد طرفا أخيرا ، وجعل الطاعة بالنفس والمال متوسطا (١١) بينهما.
الثاني : أن المؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة منهم من هو جازم بالحشر والنشر ، ومنهم من يكون شاكا فيه ، إلا أنه يأتي بهذه الطاعات احتياطا ، فيقول : إن كنت مصيبا فيها فقد فزت بالسعادة ، وإن كنت مخطئا فيها (١٢) لم يفتني إلا خيرات قليلة في هذه المدة اليسيرة ، فمن أتى بالصلاة والزكاة على هذا الوجه ، لم يكن في الحقيقة مهتديا بالقرآن ، (وأما من كان جازما بالآخرة كان مهديا به) (١٣). فلهذا ذكر هذا القيد (١٤).
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٣٢.
(٢) المرجع السابق.
(٣) الكشاف ٣ / ١٣٢.
(٤) في النسختين : في. والصواب ما أثبته.
(٥) عند قوله : سقط من ب.
(٦) اعترض أبو حيان على الزمخشري تسميته مثل هذا اعتراضا ، ووجه ابن عادل ذلك بأنه إنما يعني الاعتراض من ناحية المعنى. انظر البحر المحيط ٧ / ٥٣.
(٧) الأول : سقط من ب.
(٨) أي : سقط من ب.
(٩) في ب : قوله.
(١٠) ما بين القوسين سقط من ب.
(١١) في ب : متوسطة.
(١٢) فيها : سقط من ب.
(١٣) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٧٨.