إليها ، وهذا بعينه هو الجواب عن التأويل الثالث الذي ذكروه (١).
قوله : (أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ) أي : القتل والأسر يوم بدر ، وقيل : المراد مطلق العذاب ، سواء كان في الدنيا أو (٢) في الآخرة ، وسوء العذاب : شدته (٣).
قوله : «الأخسرون» في (أفعل) قولان ، أظهرهما : أنها على بابها من (٤) التفضيل ، وذلك بالنسبة إلى الكفار ، من حيث اختلاف الزمان والمكان ، يعني : أنهم أكثر خسرانا في الآخرة منهم في الدنيا ، أي أن خسرانهم في الآخرة أكثر من خسرانهم في الدنيا (٥).
وقال جماعة ـ منهم الكرماني (٦) ـ هي هنا للمبالغة لا للشّركة ، لأن المؤمن لا خسران له في الآخرة ألبتة (٧) ، وقد تقدم جواب ذلك ، وهو أن الخسران راجع إلى شيء واحد ، باعتبار اختلاف زمانه ومكانه. وقال ابن عطية : «الأخسرون» جمع («أخسر» ، لأن أفعل صفة لا يجمع إلا أن يضاف ، فتقوى رتبته في الأسماء ، وفي هذا نظر (٨). قال أبو حيان : ولا نظر في أنه يجمع جمع سلامة أو جمع تكسير إذا كان ب (ال) ، بل لا يجوز فيه إلا ذلك إذا كان قبله ما يطابقه في الجمعية ، فيقول: الزيدون هم الأفضلون والأفاضل ، والهندات هنّ الفضليات والفضل (٩) ، وأما قوله : لا يجمع إلا أن يضاف) فلا (١٠) يتعين إذ ذاك جمعه ، بل إذا أضيف إلى نكرة فلا (١٠) يجوز جمعه ، وإن أضيف إلى معرفة جاز فيه الجمع والإفراد (١١).
قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦) إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨) يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(٩)
قوله (١٢) : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى)(١٣) : (لقي) مخفّفا يتعدى لواحد ، وبالتضعيف يتعدى لاثنين ، فأقيم أولهما هنا مقام الفاعل ، والثاني «القرآن» (١٤) ، وقول من قال : إنّ أصله (تلقّن) بالنون تفسير معنى (١٥) ، فلا يتعلّق به متعلق بأن (١٦) النون أبدلت حرف علّة.
__________________
(١) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٤ / ١٧٩ ـ ١٨٠.
(٢) في ب : و.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٨٠.
(٤) في الأصل : على.
(٥) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٤.
(٦) تقدم.
(٧) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٤.
(٨) تفسير ابن عطية ١١ / ١٦٧.
(٩) في ب : والفضلى.
(١٠) في النسختين : لا. والتصويب من البحر المحيط.
(١١) البحر المحيط ٧ / ٥٤.
(١٢) قوله : سقط من الأصل.
(١٣) في ب : وإنك لتلقى القرآن.
(١٤) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٤.
(١٥) قال الزمخشري :(«لتلقى القرآن» لتؤتاه وتلقنه) الكشاف ٣ / ١٣٣.
(١٦) أن : سقط من الأصل.