الرسالة ، شرحا الرسالة بهذا وبيّناها به. ويجوز أن تكون المصدرية (١) ، أي : رسول بكذا ، والمراد من هذا الإرسال : التخلية والإرسال ، كقولك : أرسل البازي (٢).
قوله تعالى : (قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (١٩) قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢١) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ)(٢٢)
قوله تعالى : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً). اعلم أن في الكلام حذفا ، وهو أنهما أتياه وقالا ما أمر الله به ، فعند ذلك قال فرعون ما قال. روي أنهما انطلقا إلى باب فرعون فلم يؤذن لهما سنة حتى قال البواب : إن هنا إنسانا يزعم أنه رسول رب العالمين. فقال : ائذن له لعلنا نضحك منه ، فأديا إليه الرسالة ، فعرف موسى ، فعدد عليه نعمه أولا ثم إساءة موسى إليه (٣). أما النعم فهي قوله : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) والوليد : الصبي ، لقرب عهده من الولادة (٤). وقيل : الغلام ، تسمية له بما كان عليه (٥). و «وليدا» حال من مفعول [نربّك](٦) ، وهو فعيل بمعنى مفعول (٧). قوله : (وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) قرأ أبو عمرو في رواية بسكون ميم «عمرك» (٨) تخفيفا ل «فعل» ، و (مِنْ عُمُرِكَ) حال من «سنين» (٩).
قيل : لبث عندهم ثلاثين سنة (١٠) ، وقيل : وكز (١١) القبطي ، وهو ابن اثنتي عشرة (١٢) سنة(١٣) قوله : (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ). قرأ الشعبي : «فعلتك» بالكسر على الهيئة (١٤) ، لأنها نوع من القتل (١٥) ، وهي الوكزة (وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ). يجوز أن يكون
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٧ / ٨.
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٢٤. والبازي : واحد البزاة التي تصيد ، ضرب من الصقور. اللسان (بزا).
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٢٥.
(٤) المرجع السابق.
(٥) أي : أنه مجاز مرسل علاقته اعتبار ما كان.
(٦) نربّك : تكملة ليست في المخطوط.
(٧) انظر البحر المحيط ٧ / ١٠.
(٨) رواها عنه الخفاف ، وعبيد. السبعة (٤٧١) ، المختصر (١٠٦) ، تفسير ابن عطية ١١ / ٩٧ ، البحر المحيط ٧ / ١٠.
(٩) انظر التبيان ٢ / ٩٩٤.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٢٥.
(١١) في ب : ولر. وهو تحريف.
(١٢) في النسختين : اثني عشر. والتصويب من الفخر الرازي.
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٢٥.
(١٤) معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٧٩ ، المختصر (١٠٦) ، المحتسب ٢ / ١٢٧ ، تفسير ابن عطية ١١ / ٩٧ ، البحر المحيط ٧ / ١٠.
(١٥) في ب : لا سيما من قتل. وهو تحريف.