قال سيبويه : وهو قليل في الشعر شبهوه بالنهي حيث كان مجزوما غير واجب (١) ، قال : وأما تخريجه على البدل فلا يجوز ، لأن مدلول (لا يَحْطِمَنَّكُمْ) مخالف لمدلول «ادخلوا» ، وأما قوله : لأنه بمعنى لا تكونوا حيث أنتم فيحطمنكم (٢) ، فتفسير معنى لا إعراب ، والبدل من صفة الألفاظ ، نعم لو كان اللفظ القرآني : لا تكونوا بحيث لا يحطمنكم ، لتخيّل فيه البدل ، لأن الأمر بدخول المساكن نهي عن كونهم بظاهر الأرض.
وأما قوله : إنه أراد لا يحطمنكم جنود سليمان إلى آخره ، فيسوغ زيادة الأسماء ، وهو (٣) لا يجوز ، بل الظاهر إسناد الحطم (٤) إلى جنوده ، وهو على حذف مضاف ، أي : خيل سليمان وجنوده ، إو نحو ذلك مما يصح تقديره (٥) ، انتهى.
أما منعه كونه جواب الأمر من أجل النون ، فقد سبقه إليه أبو البقاء ، فقال : وهو ضعيف ، لأن جواب الشرط لا يؤكد بالنون في الاختيار (٦). وأما منعه البدل بما ذكر فلا نسلم تغاير المدلول بالنسبة لما يؤول إليه المعنى. وأما قوله : فيسوغ زيادة الأسماء فهو (٧) لم يسوغ ذلك ، وإنما فسر المعنى ـ وعلى تقدير ذلك ـ فقد قيل به شائعا (٨). وجاء الخطاب في قولها «ادخلوا» كخطاب العقلاء لما عوملوا معاملتهم (٩). وقرأ أبيّ : «ادخلن مساكنكن لا يحطمنكن» (١٠) ـ بالنون الخفيفة ـ جاء به على الأصل. وقرأ شهر بن حوشب (١١) : «مسكنكم» بالإفراد (١٢) وقرأ الحسن وأبو رجاء وقتادة وعيسى الهمداني بضم الياء وفتح الحاء وتشديد الطاء والنون مضارع حطمه بالتشديد (١٣). وقرأ الحسن أيضا قراءتان : فتح الياء وتشديد الطاء مع سكون الحاء وكسرها (١٤) والأصل : لا يحطمنّكم ، فأدغم وإسكان الحاء مشكل تقدم نظيره في (لا يَهِدِّي)(١٥) ونحوه ، وقرأ ابن أبي إسحاق ويعقوب وأبو عمرو في رواية بسكون نون التوكيد (١٦). والحطم : الكسر ،
__________________
(١) الكتاب ٣ / ٥١٥.
(٢) في البحر المحيط : فيحطمنكم. وفي ب : فتحطموا.
(٣) في ب : وهي.
(٤) في النسختين : الحكم. والتصويب من البحر المحيط.
(٥) البحر المحيط ٧ / ٦٢.
(٦) التبيان ٢ / ١٠٠٦.
(٧) فهو : تكلمة ليست في المخطوط.
(٨) أي : إبدال الفعل من الفعل متى استقام ذلك من جهة المعنى.
(٩) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٦.
(١٠) في ب : لا يحطمنكم. وفي البحر المحيط : «ادخلن مساكنكن لا يحطمنكم» ٧ / ٦١ وفي تفسير ابن عطية : (وفي مصحف أبي «لا يحطمنكم» مخففة النون التي قبل الكاف) ١١ / ١٨٧.
(١١) شهر بن حوشب ، أبو سعيد الأشعري الشامي ، ثم البصري ، تابعي ، مشهور عرض عليه أبو نهيك علباء بن أحمد ، مات سنة ١٠٠ ه ، وقيل غير ذلك. طبقات القراء ١ / ٣٢٩.
(١٢) المختصر (١٠٨) ، البحر المحيط ٧ / ٦١.
(١٣) المرجعان السابقان.
(١٤) البحر المحيط ٧ / ٦١ ، وفي المختصر لم ينص على سكون الحاء (١٠٨) ، وفي المحتسب بفتح الياء والحاء وتشديد الطاء والنون ، وروي عنه بكسر الحاء ٢ / ١٣٧.
(١٥) من قوله تعالى : «أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى» [يونس : ٣٥]. انظر اللباب ٤ / ٢٩١ ـ ٢٩٢.
(١٦) في السبعة قال ابن مجاهد : (وقرأ عبيد عن أبي عمرو «لا يحطمنكم» ساكنة النون. وهو غلط) (٤٧٩) ـ