يقال منه : حطمته ، ثم استعمل لكل كسر معناه ، والحطام : ما تكسر يبسا (١) وغلب على الأشياء التافهة ، والحطم : السائق السريع ، كأنه يحطم الإبل (٢) ، قال :
٣٩٤٠ ـ قد لفّها اللّيل بسواق حطم |
|
ليس براعي إبل ولا غنم |
ولا بجزّار ظهر وضم (٣) |
والحطمة : من دركات النار ، ورجل حطمة للأكول (٤) ، تشبيها لبطنه بالنار (٥) ، كقوله :
٣٩٤١ ـ كأنّما في جوفه تنّور (٦)
وقوله : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) جملة حالية (٧).
فصل
قال الشعبي : كانت تلك النملة ذات جناحين (٨) ، فنادت (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) ، ولم تقل : ادخلن ، لأنها لما جعلت لهم قولا كالآدميين خوطبوا بخطاب الآدميين (٩) ، (لا يَحْطِمَنَّكُمْ) لا يكسرنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ، فسمع (١٠) سليمان قولها ، وكان لا يتكلم خلق إلا حملت الريح ذلك فألقته في مسامع سليمان. فإن قيل : كيف يتصور الحطم من سليمان وجنوده ، وكانت الريح تحمل سليمان وجنوده على بساط بين السماء والأرض؟ قيل : كانت جنوده ركبانا وفيهم مشاة على الأرض تطوى بهم ، وقيل يحتمل أن يكون هذا قبل تسخير الله الريح لسليمان. وقال المفسرون : علم النمل أن سليمان نبي ليس فيه جبرية ولا (١١) ظلم ، ومعنى الآية : أنكم لو لم تدخلوا
__________________
ـ وفي الهامش : قال أبو علي الفارسي معلقا على قول ابن مجاهد : إن هذه القراءة غلط ؛ يريد أنها غلط من طريق الرواية لا أنها لا تتجه في العربية.
(١) في ب : يعسا.
(٢) انظر اللسان (حطم).
(٣) رجز يروى للحطم القيسّي ، أو أبي زغبة الخزرجي ، أو رشيد بن رميض العنزيّ. وهو في الكتاب ٣ / ٢٢٣ ، المقتضب ٢ / ١٩٣ ، ٣ / ٣٢٣ ، الكامل ٢ / ٤٩٤ ، ٤٩٩ ، ٣ / ١٢٣٠ ، المخصص ٥ / ٢٢ ، ابن يعيش ٦ / ١١٣ ، اللسان (حطم). الحطم : الشديد السوق للإبل ، كأنه يحطم ما مر عليه لشدة سوقه.
وهو موطن الشاهد هنا. الوضم : كل ما قطع عليه اللحم.
وفيه شاهد آخر ، وهو نعت (سواق) ب (حطم) ، لأنه نكرة ، وليس بمعدول عن فاعل إلا في باب المعرفة ، نحو : عمر وزفر.
(٤) في ب : أي : أكول.
(٥) انظر اللسان (حطم).
(٦) شطر بيت لم أعثر له على سابق أو لاحق ، ولم أهتد إلى قائله ، وهو في المفردات في غريب القرآن (١٢٣).
(٧) انظر البحر المحيط ٧ / ٦٢.
(٨) انظر البغوي ٦ / ٢٦٧.
(٩) المرجع السابق.
(١٠) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٦ / ٢٦٧.
(١١) لا : سقط من ب.