من تحت (١) ، فالخطاب ظاهر على قراءة الكسائي ، لأن ما قبله أمرهم بالسجود وخطابهم به والغيبة على قراءة الباقين غير حفص ظاهرة أيضا ، لتقدم الضمائر الغائبة في قوله : «لهم» ، و «أعمالهم» و «صدّهم» و «فهم» وأما قراءة حفص فتأويلها أنه خرج إلى خطاب الحاضرين بعد أن أتمّ قصة أهل سبأ ، ويجوز أن يكون التفاتا على أنه نزل الغائب منزلة الحاضر ، فخاطبه ملتفتا إليه (٢).
وقال ابن عطية : القراءة بياء الغيبة تعطي أنّ الآية من كلام الهدهد ، وبتاء الخطاب تعطي أنها من خطاب الله لأمّة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم (٣) ـ وقد تقدم أن الظاهر أنه (٤) من كلام الهدهد مطلقا ، وكذلك الخلاف في :
قوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦) قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٧) اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ (٢٨) قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ)(٢٩)
قوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) هل هو من كلام الهدهد استدراكا منه لمّا وصف عرش بلقيس بالعظم ، أو من كلام الله تعالى ردّا عليه في وصفه عرشها بالعظم. والعامة على جر «العظيم» تابعا للجلالة ، وابن محيصن (٥) بالرفع (٦) وهو يحتمل وجهين : أن يكون نعتا للربّ ، وأن يكون مقطوعا عن تبعيّة «العرش» إلى الرفع بإضمار مبتدأ (٧).
فصل
دلّ قوله : (يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (على كمال القدرة ، وسمي المخبوء بالمصدر ليتناول جميع الأرزاق والأموال ، فدلّ قوله : (وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ)(٨) على كمال العلم ، وإذا كان قادرا على كل المقدرات عالما بكل المعلومات ، وجب (٩) أن يكون إلها ، والشمس ليست كذلك ، فلا تكون إلها ، وإذا لم تكن إلها ، لم تستحق العبادة (١٠). فإن قيل : إنّ إبراهيم وموسى عليهماالسلام (١١) قدما دلالة الأنفس على دلالة الآفاق ، فإنّ (١٢) إبراهيم قال : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) [البقرة : ٢٥٨] ، ثم
__________________
(١) السبعة (٤٨١) ، الكشف ٢ / ١٥٨ ، النشر ٢ / ٣٣٧ ، الإتحاف (٣٣٦).
(٢) انظر الكشف ٢ / ١٥٨ ـ ١٥٩ ، البحر المحيط ٧ / ٦٩ ـ ٧٠.
(٣) تفسير ابن عطية ١١ / ١٩٨.
(٤) أنه : سقط من ب.
(٥) في ب : وابن عمر. وهو تحريف.
(٦) المختصر (١٠٩) ، البحر المحيط ٧ / ٧٠ ، الإتحاف (٣٣٦).
(٧) وعليه تستوي قراءته وقراءة الجمهور في المعنى. انظر البحر المحيط ٧ / ٧٠.
(٨) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(٩) في ب : ويجب.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٩٢.
(١١) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٢) في ب : قال.