فالجواب : أنه معلق (١) على شرط حذف لفهم المعنى ، أي : إن (٢) لم يأتوني مسلمين ، والصغار: أن يقعوا في أسر واستعباد (٣).
فصل
قال ابن عباس : لما رجعت رسل بلقيس إليها من عند سليمان ، قالت : قد عرفت والله ما هذا بملك ، ولا لنا به من (٤) طاقة ، وبعثت إلى سليمان : إني قادمة عليك (٥) بملوك قومي ، حتى (٦) أنظر ما أمرك وما تدعو إليه من دينك ثم آذنت بالرحيل إلى سليمان ، فلما قربت منه على فرسخ ، فرأى سليمان رهجا قريبا ، فقال ما هذا؟ قالوا بلقيس قد نزلت منا بهذا المكان. قال ابن عباس : وكان بين الكوفة والحيرة قدر فرسخ ، فأقبل سليمان حينئذ على جنوده (٧) ، فقال (يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)؟
قوله تعالى : (قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨) قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (٣٩) قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)(٤٠)
قال ابن عباس (٨) : طائعين ، واختلفوا في السبب الذي لأجله أمر سليمان بإحضار عرشها ، فقال أكثرهم : لأن سليمان علم أنها إن أسلمت يحرم عليه ما لها ، فأراد أن يأخذ سريرها قبل أن يحرم عليه أخذه بإسلامها ، وقيل : ليراها قدرة الله تعالى وعظيم سلطانه في معجزة يأتي بها في عرشها. وقال قتادة : لأنه أعجبه صفته لما وصفه الهدهد ، فأحب أن يراه. وقال ابن زيد : أراد أن يأمر بتنكيرها (٩) وتغييرها ، فيختبر بذلك عقلها ، ويؤيد ذلك قوله تعالى : (نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي)(١٠).
قوله : (قالَ عِفْرِيتٌ)(١١) العامة على كسر العين وسكون الفاء (١٢) بعدها تاء مجبورة.
وقرأ أبو حياة : بفتح العين (١٣) ، وأبو رجاء وأبو السمال ـ ورويت عن أبي بكر الصديق ـ
__________________
(١) في ب : متعلق.
(٢) إن : سقط من ب.
(٣) انظر الكشاف ٣ / ١٤٣.
(٤) من : سقط من ب.
(٥) في ب : إليك.
(٦) حتى : سقط من ب.
(٧) انظر البغوي ٦ / ٢٨١.
(٨) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٦ / ٢٨٢.
(٩) في ب : بتنكيره.
(١٠) آخر ما نقله هنا عن البغوي ٦ / ٢٨٢.
(١١) في ب : «قال عفريت من الجن».
(١٢) في الأصل : الياء. وهو تحريف.
(١٣) الظاهر أن المراد : عفريت. كقراءة العامة في المرسوم ، أحد اللغات في هذا اللفظ ، وفي المختصر قال ابن خالويه : (عفرية أبو حياة) ١٠٩ ، وانظر البحر المحيط ٧ / ٧٦.