ترى ، وهو أن يصل إليك من كان منك على مدّ بصرك (١). وقال مجاهد : يعني إدامة النظر) (٢) حتى يرتد (٣) الطرف خاسئا (٤). وقال وهب : تمد عينيك فلا ينتهي طرفك إلى مداه ، حتى أمثله بين يديك(٥). فإن قيل : هذا يقتضي (إما القول بالطفرة) (٦)(٧) أو حصول الجسم الواحد دفعة واحدة في مكانين.
والجواب (٨) : أن المهندسين قالوا : كرة الشمس مثل كرة الأرض مائة وأربعة وستين مرة ثم إن زمان طلوعها (٩) زمان قصير ، فإذا قسمنا زمان طلوع تمام القرص على زمان البعد الذي بين الشام واليمن كانت تلك اللمحة كثيرة فلما ثبت عقلا إمكان وجود هذه الحركة السريعة وثبت أنه تعالى قادر على كل الممكنات زال السؤال (١٠).
قوله : (فَلَمَّا رَآهُ) يعني سليمان ، العرش «مستقرا» عنده محمولا إليه من مأرب إلى الشام في قدر ارتداد الطرف ، ف «مستقرا» حال ، لأن الرؤية بصرية ، و «عنده» معمول له (١١) ، لا يقال إذا وقع الظرف حالا وجب حذف متعلقه ، فكيف ذكر هنا (١٢)؟ لأن الاستقرار هنا ليس هو ذلك الحصول المطلق ، بل المراد به هنا الثابت الذي لا يتقلقل ، قاله أبو البقاء (١٣). وقد جعله ابن عطية هو العامل في الظرف الذي كان يجب حذفه ، فقال : وظهر (١٤) العامل في الظرف من قوله «مستقرا» ، وهذا هو المقدر أبدا مع كل ظرف جاء هنا مظهرا ، وليس في كتاب الله مثله (١٥) ، وما قاله أبو البقاء أحسن (١٦) على أنه قد ظهر العامل المطلق في قوله :
٣٩٦٤ ـ فأنت لدى بحبوحة الهون كائن (١٧)
__________________
(١) انظر البغوي ٦ / ٢٨٤.
(٢) ما بين القوسين سقط من ب.
(٣) في ب : يزيد. وهو تحريف.
(٤) انظر البغوي ٦ / ٢٨٤.
(٥) المرجع السابق.
(٦) الطفرة : الوثبة ، وقد طفر يطفر طفرا وطفورا : وثب في ارتفاع. وطفر الحائط : وثبه إلى ما ورائه.
اللسان (طفر).
(٧) ما بين القوسين سقط من ب.
(٨) في ب : فالجواب.
(٩) في ب : طولها. وهو تحريف.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٩٨.
(١١) انظر البحر المحيط ٧ / ٧٧.
(١٢) في ب : عنده.
(١٣) قال أبو البقاء :(«مستقرّا» أي : ثابتا غير متقلقل ، وليس بمعنى الحصول المطلق ، إذ لو كان كذلك لم يذكر) التبيان ٢ / ١٠٠٩.
(١٤) في ب : فظهر.
(١٥) تفسير ابن عطية ١١ / ٢١١.
(١٦) انظر البحر المحيط ٧ / ٧٧.
(١٧) عجز بيت من بحر الطويل ، مجهول القائل ، وصدره :
لك العزّ إن مولاك عزّ وإن يهن
وقد تقدم.