أحدها : أن الواو الساكنة المضموم ما قبلها يقلبها بعض العرب همزة ، وتقدم تحقيق هذا أول البقرة عند «يوقنون» (١) ، وأنشد عليه :
٣٩٦٦ ـ أحبّ المؤقدين إليّ مؤسى (٢)
وكان أبو حيّة النميري (٣) يهمز كلّ واو في القرآن هذا وصفها (٤).
الثاني : أنّ ساقا على «فعل» كأسد ، فجمع على «فعل» بضم العين ، كأسد والواو المضمومة تطلب همزة ، نحو : «وجوه» (٥) ، و «وقّتت» (٦) ثم بعد الهمزة سكنت.
الثالث : أن المفرد سمع همزه كما سيأتي تقريره ، فجاء جمعه عليه.
وأما سؤوق ـ بالواو بعد الهمزة ـ فإن ساقا جمع على سووق بواو ، فهمزت الأولى لانضمامها وهذه الرواية غريبة عن قنبل. وأما «ساقها» فوجه الهمزة أحد أوجه : إما لغة من يقلب الألف همزة ، وعليه لغة العجاج (٧) في : العألم و «الخأتم» ، وأنشد :
٣٩٦٧ ـ وخندف هامة هذا العألم (٨)
وسيأتي تقريره في : (مِنْسَأَتَهُ) [سبأ : ١٤] ـ إن شاء الله (٩) ـ وتقدم طرف منه في
__________________
(١) من قوله تعالى : «وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ»[البقرة : ٤]. انظر اللباب ١ / ٥١.
(٢) البيت من بحر الوافر ، قاله جرير ، وعجزه :
وجعدة لو أضاءهما الوقود
وقد تقدم.
(٣) هو الهيثم بن الربيع ، شاعر ، مجيد ، متقدم ، من مخضرمي دولتي بن أمية والعباس ، ومن الأعراب الفصاحاء كان مقصدا وراجزا. الخزانة ١٠ / ٢١٧ ـ ٢٢٠.
(٤) قال أبو علي : (قال محمد بن يزيد : أخبرني أبو عثمان قال : أخبرني الأخفش قال : كان أبو حيّة النميري يهمز كل واو ساكنة قبلها ضمة ، وينشد :
أحبّ المؤقدان إليّ مؤسى
وتقدير ذلك أن الحركة لما كانت تلي الواو في مؤسى صارت كأنها عليها ، والواو إذا تحركت بالضمة أبدلت منها الهمزة) الحجة ١ / ١٧٩ ـ ١٨٠.
(٥) من قوله تعالى : «يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ»[آل عمران : ١٠٦] وفي مواطن أخرى [الحج : ٧٢] ، [الملك : ٢٧] ، [القيامة : ٢٢ ، ٢٤] ، وفي [عبس : ٣٨ ، ٤٠] ، [الغاشية : ٢ ، ٨]. انظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم (٧٤٤).
(٦) من قوله تعالى : «وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ» [المرسلات : ١١]. انظر ابن يعيش ١٠ / ١١ ، الممتع ١ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣.
(٧) في ب : الحجاج. وهو تحريف.
(٨) رجز قاله العجاج ، وهو في ديوانه (٦٠) ، المقرب (٥١٧) ، اللسان (علم) ، شرح شواهد الشافية ٢ / ٤٢٨. خندف : امرأة الياس بن مضر. والشاهد فيه همز ألف العالم ، وهو مفرد ، ولم يسبق الحرف المهموز بالضم وهي لغة قليلة.
(٩) في ب : الله تعالى.