أن ملك سليمان من الله ، فقالت ربّ إنّي ظلمت نفسي بعبادة (١) غيرك ، وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ، وأخلصت لك (٢) التوحيد (٣).
وقيل : إنها لما بلغت الصرح وظنته لجة قالت في نفسها إن سليمان يريد أن يغرقني وكان القتل أهون من هذا ، فقولها : (ظَلَمْتُ نَفْسِي) تعني ذلك الظن (٤).
واختلفوا : هل تزوجها سليمان أم لا؟ وأنه تزوجها في هذه الحال ، ومن قبل أن يكشف عن ساقيها؟ والأظهر من كلام الناس أنه تزوجها ، وروي عن ابن عباس لما أسلمت ، قال لها : اختاري من قومك من يتزوجك (٥) ، فقالت : مثلي لا تنكح الرجال ـ مع سلطاني (٦) ـ فقال : النكاح من الإسلام ، فقالت : إن كان كذلك فزوجني لتبع ملك همدان ، فزوجها إياه ، ثم ردهما إلى اليمن (٧).
وروي أن الملك وصل إلى سليمان وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، ومات وهو ابن ثلاث وخمسين سنة (٨).
قوله : (مَعَ سُلَيْمانَ) متعلق بمحذوف على أنه حال ، ولا يتعلق : (أَسْلَمْتُ) ، لأنّ إسلامه سابق إسلامها بزمان ، وهو وجه لطيف ، وقال ابن عطية : و «مع» ظرف بني على الفتح ، وأمّا إذا أسكنت العين ، فلا خلاف أنه حرف (٩). وقد تقدم القول في ذلك (١٠) ، وقال مكي (١١) هنا نحوا من قول ابن عطية (١٢).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ (٤٥) قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦) قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (٤٧) وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (٤٨) قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٤٩) وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٠) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ
__________________
(١) في ب : بعبادتك. وهو تحريف.
(٢) في ب : خلصت له.
(٣) انظر البغوي ٦ / ٢٨٨.
(٤) المرجع السابق.
(٥) في ب : يتزوجها. وهو تحريف.
(٦) في ب : مثلي مع سلطاني لا ينكح الرجال.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٠١.
(٨) انظر البغوي ٦ / ٢٩٠.
(٩) انظر البحر المحيط ٧ / ٨٠.
(١٠) عند قوله تعالى : ... «قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ» [البقرة : ١٤].
(١١) مكي : سقط من ب.
(١٢) قال مكي : (وقيل : هو اسم ظرف فلذلك فتح كالظرف ، فإذا اسكنت العين فهو حرف لا غير) مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٥٠.