الاستئناف ، وهو تفسير للعاقبة (١) ، وكان يجوز فيها التمام والنقصان والزيادة ، و «كيف» وما في حيّزها في محل نصب على إسقاط الخافض ، لأنّه معلق للنظر ، و «أجمعين» : تأكيد للمعطوف والمعطوف عليه.
فصل
قال ابن عباس : أرسل الله الملائكة تلك الليلة إلى دار صالح يحرسونه ، فأتى التسعة دار صالح شاهرين سيوفهم فرمتهم الملائكة بالحجارة من حيث يرون الحجارة ولا يرون الملائكة ، فقتلتهم (٢). وقال مقاتل : نزلوا في سفح جبل ينتظر بعضهم بعضا ، ليأتوا دار صالح ، فجثم عليهم الجبل فأهلكهم وأهلك الله قومهم بالصيحة (٣).
قوله : (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً) العامة على نصب «خاوية» حالا ، والعامل فيها معنى اسم الإشارة (٤) ، وقرأ عيسى : «خاوية» بالرفع (٥) ، إمّا على خبر «تلك» ، و «بيوتهم» بدل من «تلك» ، وإمّا خبر ثان ، و «بيوتهم» خبر أول (٦) ، وإمّا على خبر مبتدأ محذوف ، أي : هي خاوية(٧) ، وهذا إضمار مستغنى عنه ، و (بِما ظَلَمُوا) متعلق ب «خاوية» ، أي بسبب ظلمهم.
و «خاوية» أي : خالية (بِما ظَلَمُوا) بظلمهم وكفرهم ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) لعبرة ، (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) قدرتنا. (وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) قيل : كان الناجون منهم أربعة آلاف (٨).
قوله تعالى : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ)(٥٨)
قوله تعالى : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) الآية ، «ولوطا» إمّا منصوب عطفا على
__________________
(١) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٥١ ، البيان ٢ / ٢٢٤ ، التبيان ٢ / ١٠١٠.
(٢) انظر البغوي ٦ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣.
(٣) انظر البغوي ٦ / ٢٩٣.
(٤) انظر الكشاف ٣ / ١٤٧ ، البيان ٢ / ٢٢٥ ، التبيان ٢ / ١٠١١.
(٥) قال ابن خالويه :(«فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً» بالرفع حكاه أبو معاذ) المختصر (١١٠) الكشاف ٣ / ١٤٧ ، البحر المحيط ٧ / ٨٦.
(٦) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٥٢ ، البيان ٢ / ٢٢٥.
(٧) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٥٢ ، الكشاف ٣ / ١٤٧ ، البيان ٢ / ٢٢٥. وجوز مكي وابن الأنباري وجهين آخرين ، وهما : أن تجعل «خاوية» بدلا من «البيوت» ، وأن تجعل «بيوتهم» عطف بيان على «تلك» و «خاوية» خبر «تلك». انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٥٢ ـ ١٥٣ ، البيان ٢٢٥.
(٨) انظر البغوي ٦ / ٢٩٣.