وهشام : «يذكرون» بالغيبة والباقون بالخطاب (١) ، وهما واضحتان ، وأبو حيوة : «تتذكرون» بتاءين(٢).
قوله تعالى : (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٣) أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(٦٤)
قوله : (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) يهديكم بالنجوم في السماء والعلامات (٣) في البحر (٤) إذا سافرتم بالليل في البر والبحر (٥). و (مَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) ، وهي المطر ، وتقدّم الكلام في «بشرا» في الأعراف (٦) ، (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
قوله : (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) لما عدد نعم الدنيا أتبع ذلك بنعم الآخرة ، وهي لا تتم إلا بالإعادة بعد الابتداء والإبلاغ إلى حد التكليف ، فقد تضمن الكلام كل نعم الدنيا والآخرة ، وهي لا تتمّ إلا بالإرزاق ، فلذلك قال : (وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ)(٧)(مِنَ السَّماءِ) : المطر ، ومن الأرض : النبات ، (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) حجتكم على قولكم : إن مع الله إلها آخر ، (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ولا برهان لكم ، فإذا أنتم مبطلون.
فإن قيل : كيف قيل لهم : أم من يبدؤ الخلق ثم يعيده ، وهم ينكرون الإعادة؟ فالجواب : كانوا معترفين بالابتداء ، ودلالة الابتداء على الإعادة دلالة ظاهرة قوية ، فلما كان الكلام مقرونا بالدلالة الظاهرة ، صاروا كأنهم لم يبق لهم عذر في الإنكار (٨).
قوله تعالى : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٦٥) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ)(٦٦)
قوله (تعالى : (قُلْ (٩) لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) لما بين أنه مختص بالقدرة ، بين أنه المختص بعلم الغيب ، وإذا ثبت ذلك ، ثبت أنه الإله المعبود (١٠).
__________________
(١) السبعة (٤٨٤) ، الكشف ٢ / ١٦٤ ، النشر ٣٣٨ ـ ٣٣٩ ، الإتحاف ٣٣٨.
(٢) المختصر (١١٠) ، البحر المحيط ٧ / ٩٠.
(٣) في النسختين : والولايات. والتصويب من الفخر الرازي.
(٤) في ب : الأرض.
(٥) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٠٩.
(٦) عند قوله تعالى : «وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ» [الأعراف : ٥٧].
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢١٠.
(٨) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢١١.
(٩) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢١١.