يسمع ما يدعى إليه من الإيمان (١). والمعنى : إنهم لفرط إعراضهم عما يدعون (٢) إليه كالميّت الذي لا سبيل إلى إسماعه والأصم الذي لا يسمع (٣). قوله : (وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ)(٤) العامة على «بهادي» مضافا ل «العمي» ، وحمزة «تهدي» فعلا مضارعا ، و «العمي» نصب على المفعول به (٥). وكذلك التي في الروم (٦). ويحيى بن الحارث وأبو حيوة «بهاد» منونا «العمي» منصوب (٧) به وهو الأصل. واتفق القراء على أن يقفوا على «هاد» في هذه السورة بالياء ، لأنها رسمت في المصحف ثابتة ، واختلوا في الروم ، فوقف الأخوان عليها بالياء أيضا كهذه ، أما حمزة ، فلأنه يقرأها «تهدي» فعلا مضارعا مرفوعا فياؤه ثابتة (٨). قال الكسائي : من قرأ «تهدي» لزمه أن يقف بالياء ، وإنّما لزمه ذلك لأن الفعل لا يدخله تنوين في الوصل تحذف له الياء ، فيكون في الوقف كذلك ، كما يدخل التنوين على «هاد» ونحوه (٩) ، فتذهب الياء في الوصل ، فيجري الوقف على ذلك لمن وقف بغير ياء (١٠) انتهى. ويلزم على ذلك أن يوقف عل ى «يقضي الحقّ» (١١) و (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ) [الإسراء : ١١] بإثبات الياء والواو ، ولكن يلزم حمزة مخالفة الرسم دون القياس ، وأمّا الكسائي فإنه يقرأ «بهادي» اسم فاعل كالجماعة ، فإثباته للياء بالحمل على «هادي» في هذه السورة ، وفيه مخالفة الرسم السلفي (١٢).
قوله : (عَنْ ضَلالَتِهِمْ) فيه وجهان :
أحدهما : أنه متعلق ب «تهدي» وعدي ب (عن) لتضمنه معنى تصرفهم.
الثاني : أنه متعلق بالعمي ، لأنك تقول : عمى (١٣) عن كذا ذكره أبو البقاء (١٤).
فصل
المعنى : ما أنت بمرشد من أعماه الله عن الهدى وأعمى قلبه عن الإيمان أن يسمع (إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا) إلا من يصدق بالقرآن أنه من الله ، (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) مخلصون لله (١٥).
__________________
(١) انظر البغوي ٦ / ٣٠٥.
(٢) في ب : يدعونه.
(٣) انظر البغوي ٦ / ٣٠٥.
(٤) العمي : سقط من ب.
(٥) السبعة (٤٨٦) ، الكشف ٢ / ١٦٦ ، النشر ٢ / ٣٣٩ ، الإتحاف (٣٣٩).
(٦) يشير إلى قوله تعالى : «وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ»[الروم : ٥٣].
(٧) المختصر (١١١) ، البحر المحيط ٧ / ٩٦.
(٨) انظر الكشف ٢ / ١٦٦ ، إبراز المعاني (٤٢٦).
(٩) ونحوه : سقط من ب.
(١٠) انظر الكشف ٢ / ١٦٦.
(١١) من قوله تعالى : «وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ» [غافر : ٢٠].
(١٢) انظر إبراز المعاني ٦٣١ ـ ٦٣٢.
(١٣) عمي : سقط من ب.
(١٤) قال أبو البقاء : (و «عن» يتعلق ب «هادي» ، وعداه ب «عن) ، لأن معناه تصرف ، ويجوز أن تتعلق بالعمى ، ويكون المعنى : أن العمى صدر عن ضلالتهم) التبيان ٢ / ١٠١٤.
(١٥) انظر البغوي ٦ / ٣٠٥.