ابن كثير وأبو عمرو وهشام بالغيبة جريا على قوله (وَكُلٌّ أَتَوْهُ) ، والباقون بالخطاب جريا على قوله (وَتَرَى) ، لأن المراد النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأمته (١).
قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٨٩) وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٩٠)
قوله (٢) : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) في «خير» وجهان :
أحدهما : أنها للتفصيل باعتبار زعمهم ، أو على حذف مضاف ، أي : خير من قدرها واستحقاقها «منها» في محل نصب ، وألا يكون للتفصيل ، فيكون (منها) في موضع رفع صفة لها (٣). قوله (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ) قرأ أهل الكوفة (٤) «من فزع» بالتنوين ، «يومئذ» بفتح الميم ، وقرأ الآخرون بالإضافة (٥) ، لأنه أعم (٦) فإنه يقتضي الأمن من جميع فزع ذلك اليوم وبالتنوين كأنه فزع دون فزع ، ويفتح أهل المدينة الميم من «يومئذ» وتقدم في هود فتح «يوم» وجره (٧) و «إذ» مضافة للجملة حذفت وعوض عنها التنوين ، والأحسن أن تقدر يومئذ جاء بالحسنة ، وقيل : يومئذ ترى الجبال ، وقيل : يومئذ ينفخ في الصور ، والأول أولى ، لقرب ما قدر منه (٨).
فصل
لما تكلم في علامات القيامة شرح ـ بعد ذلك ـ أحوال المكلفين بعد قيام القيامة ، والمكلف إما أن يكون مطيعا أو عاصيا ، أما (المطيع ، فهو) (٩) الذي جاء بالحسنة (١٠) ، وهي كلمة الإخلاص قال أبو معشر (١١) يحلف ما استثنى : إنّ الحسنة لا إله إلا الله (١٢) ، وقيل : كل طاعة (١٣). (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) ، قال ابن عباس : يعني له من تلك الحسنة خير يوم القيامة ، وهو : الأمن من العذاب ، أما أن يكون له شيء خير من الإيمان ، فإنه ليس شيء
__________________
(١) السبعة (٤٨٧) ، الكشف ٢ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠ ، الإتحاف (٣٤٠).
(٢) في ب : قوله تعالى.
(٣) انظر التبيان ٢ / ١٠١٥.
(٤) وهم : عاصم ، وحمزة ، والكسائي.
(٥) السبعة (٤٨٧) ، الكشف ٢ / ١٦٩ ، النشر ٢ / ٣٤٠ ، الإتحاف (٣٤٠).
(٦) في ب : أتم.
(٧) عند قوله تعالى : «فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ» [هود : ٦٦].
(٨) انظر البحر المحيط ٧ / ١٠٢.
(٩) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٢١.
(١١) يوسف بن يزيد أبو معشر البصري العطار ، أخذ عن أبي حازم ، وأخذ عنه محمد بن أبي بكر المقدمي. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ١٣.
(١٢) انظر البغوي ٦ / ٣١٤. وفيه : قال أبو معشر : كان إبراهيم يحلف ولا يستثني أن الحسنة لا إله إلا الله.
(١٣) انظر البغوي ٦ / ٣١٤.