النعمان بن سالم (١) «عن جانب» وكلها بمعنى واحد. ومثله الجناب والجنابة (٢).
(وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) جملة حالية ، ومتعلق الشعور (٣) محذوف أي : أنها تقصّه ، أو (٤) أنه سيكون لهم عدوا وحزنا ، أو أنها أخته ، أو أنها ترقبه (٥).
قوله تعالى : (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ (١٢) فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(١٣)
قوله : (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ)(٦) قيل : يجوز أن يكون جمع مرضع وهي المرأة ، وقيل : جمع مرضع بفتح الميم والضاد ، ثم جوّزوا فيه أن يكون مكانا أي : مكان الإرضاع وهو الثّدي وأن يكون مصدرا أي : الإرضاعات ، أن : أنواعها (٧) ، و (مِنْ قَبْلُ) أي : من قبل قصّها أثره (٨) ، أو من قبل مجيء أخته ، ومن قبل ولادته في حكمنا وقضائنا (٩). والمراد من التحريم المنع ، لأن التحريم بالنهي تعبّد وذلك لا يصح ، فلا بدّ من فعل سواه ، فيحتمل أن ـ تعالى ـ غيّر طبعه عن لبن سائر النساء ، فلذلك لم يرتضع أو أحدث في لبنهن طعما ينفر عنه طبعه ، أو وضع في لبن أمه لذة تعود بها ، فكان يكره لبن غيرها (١٠).
فصل
قال ابن عباس : إن امرأة فرعون كان همّها من الدنيا أن تجد له مرضعة ، فكل ما أتوه بمرضعة لم يأخذ ثديها ؛ فذلك قوله عزوجل (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ)(١١) ، فلمّا رأت أخت موسى التي أرسلتها أمّه في طلبه ذلك «قالت (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ) أي : يرضعونه لكم (١٢) ويضمنونه ، وهي امرأة قد قتل ولدها فأحبّ شيء إليها أن تجد صغيرا ترضعه (١٣).
قوله : (وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) الظاهر أنه ضمير موسى ، وقيل لفرعون (١٤). قال ابن
__________________
(١) في النسختين : عن سالم. والتصويب من المحتسب ٢ / ١٤٩ ، تفسير ابن عطية ١١ / ٢٧٠ ، البحر المحيط ٧ / ١٠٧. وهو النعمان بن سالم الطائفي ، روى عن أوس بن أوس ، وعبد الله بن عمر ، وروى عنه سماك ، وداود بن هند ، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ٤٠٢٠.
(٢) جناب : مصدر جانبه مجانبة وجنابا صار إلى جنبه ، وجنابة مصدر جنب ، انظر اللسان (جنب) ، والبحر المحيط ٧ / ١٠٧.
(٣) أي : معمول الفعل.
(٤) في ب : و. وهو تحريف.
(٥) انظر البغوي ٦ / ٣٢٣.
(٦) في ب : «وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ».
(٧) انظر الكشاف ٣ / ١٥٩ ، البحر المحيط ٧ / ١٠٧ ـ ١٠٨.
(٨) المرجعان السابقان.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٣٠.
(١٠) المرجع السابق.
(١١) انظر البغوي ٦ / ٣٢٣.
(١٢) لكم : سقط من ب.
(١٣) انظر البغوي ٦ / ٣٢٤.
(١٤) انظر البحر المحيط ٧ / ١٠٨.