طالب القارىء (١)(عَلى حِينِ) بفتح النون ، وتكلّف أبو حيان تخريجها على أنه حمل المصدر على الفعل في أنه إذا أضيف الظرف إليه جاز بناؤه على الفتح (٢) ، كقوله :
٣٩٧٧ ـ على حين عاتبت المشيب على الصّبا (٣)
و (مِنْ أَهْلِها) صفة ل «غفلة» ، أي : صادرة من أهلها.
فصل
اختلفوا في السبب الذي لأجله دخل موسى المدينة على حين غفلة من أهلها ، فقال السّدّيّ : إن موسى كان يسمى ابن فرعون ، فكان يركب في مراكب فرعون ، ويلبس مثل ملابسه ، فركب فرعون يوما وليس عنده موسى ، فلما جاء موسى قيل له : إن فرعون قد ركب ، فركب في أثره ، فأدركه المقيل بأرض منف ، فدخلها نصف النهار وليس في طرقها أحد ، فذلك (عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها)(٤). وقال ابن إسحاق : كان لموسى شيعة من بني إسرائيل يسمعون منه ويقتدون به ، فلما عرف ما هو عليه من الحق فارق فرعون وقومه وخالفهم في دينهم حتى ذكر ذلك منه ، وأخافوه وخافهم ، فكان لا يدخل قرية إلا خائفا مستخفيا (٥).
وقال ابن زيد : إنّ موسى ضرب رأس فرعون ونتف لحيته ، فأراد فرعون قتله ، فقالت امرأته : هو صغير ، جىء بجمرة فأخذها (٦) فطرحها في فيه ، فبها عقد لسانه ، فقال فرعون : لا أقتله ، ولكن أخرجوه عن الدار والبلد ، فأخرج ولم يدخل عليهم حتى كبر ، فدخل (عَلى حِينِ غَفْلَةٍ)(٧).
قوله «يقتتلان» صفة ل «رجلين» (٨) ، وقال ابن عطية : حال منهما (٩) ، وسيبويه ـ وإن كان جوّزها من النكرة مطلقا (١٠) ـ إلّا أنّ الأكثر يشترطون فيها ما يسوّغ الابتداء بها (١١).
__________________
(١) في النسختين : أبو طالب الفارسي ، والتصويب من المختصر (١١٢) ، البحر المحيط ٧ / ١٠٩. ولم أقف له على ترجمة.
(٢) قال أبو حيان : (ووجهه أنه أجرى المصدر مجرى الفعل كأنه قال : على حين غفل أهلها فبناه كما بناه حين أضيف إلى الجملة المصدرة بفعل ماض كقوله :
على حين عاتبت المشيب على الصبا
وهذا توجيه شذوذ) البحر المحيط ٧ / ١٠٩.
(٣) صدر بيت من بحر الطويل ، قاله النابغة الذبياني ، وعجزه :
وقلت ألمّا أصح والشّيب وازع
وقد تقدم.
(٤) انظر البغوي ٦ / ٣٢٥ ـ ٣٦٦ ، الفخر الرازي ٢٤ / ٢٣٣.
(٥) انظر البغوي ٦ / ٣٢٦.
(٦) فأخذها : مكرر في ب.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٣٣.
(٨) انظر البحر المحيط ٧ / ١٠٩.
(٩) قال ابن عطية : (وقوله تعالى : «يقتتلان» في موضع الحال ، أي : مقتتلين) تفسير ابن عطية ١١ / ٢٧٤.
(١٠) فإنه قال : (ومثل ذلك مررت برجل قائما ، وإذا جعلت المرور به في حال قيام) الكتاب ٢ / ١١٢.
(١١) انظر الهمع ١ / ٢٤٠ ، الأشموني ٢ / ١٧٤ ـ ١٧٦.