وقرأ نعيم بن ميسرة (١) «يقتلان» بالإدغام (٢) ، نقل فتحة التاء الأولى إلى القاف وأدغم. قوله (هذا مِنْ شِيعَتِهِ) مبتدأ وخبر في موضع الصفة ل «رجلين» (٣) ، أو الحال من الضمير في «يقتتلان» وهو بعيد لعدم انتقالها.
وقوله : «هذا» (٤) و «هذا» على حكاية الحال الماضية ، فكأنهما حاضران (٥) ، أي : إذا نظر الناظر إليهما ، قال : هذا من شيعته وهذا من عدوه (٦). وقال المبرد : العرب تشير بهذا إلى الغائب ، وأنشد لجرير :
٣٩٧٨ ـ هذا ابن عمّي في دمشق خليفة |
|
لو شئت ساقكم إليّ قطينا (٧) |
فصل (٨)
(هذا مِنْ شِيعَتِهِ) من بني إسرائيل ، (وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) من القبط. قال مقاتل : كانا كافرين إلا أنّ أحدهما من القبط والآخر من بني إسرائيل ، لقول موسى عليهالسلام (٩) له : (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ)(١٠) [القصص : ١٨]. والمشهور أنّ الإسرائيلي كان مسلما ، قيل : إنه السامري ، والقبطي طبّاخ فرعون (١١). قال سعيد (١٢) بن جبير عن ابن عباس : لمّا بلغ موسى أشده لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل بظلم حتى امتنعوا كل الامتناع. وكان بنو (١٣) إسرائيل قد عزوا بمكان موسى ، لأنهم كانوا يعلمون أنه منهم (١٤).
قوله «فاستغاثه» هذه قراءة العامة من الغوث أي طلب غوثه ونصره ، وقرأ سيبويه وابن مقسم والزعفراني بالعين المهملة والنون من الإعانة (١٥). قال ابن عطية : هي (١٦) تصحيف (١٧) وقال ابن جبارة صاحب الكامل : الاختيار قراءة ابن مقسم ، لأنّ الإعانة أولى
__________________
(١) هو نعيم بن ميسرة أبو عمرو الكوفي النحوي ، روى عن أبي عمرو بن العلاء وعاصم بن أبي النجود ، وروى عنه علي بن حمزة الكسائي. مات سنة ١٧٤ ه. طبقات القراء ٢ / ٣٤٢ ـ ٣٤٣.
(٢) المختصر (١١٢).
(٣) انظر التبيان ٢ / ١٠١٨.
(٤) هذا : سقط من ب.
(٥) انظر البحر المحيط ٧ / ١٠٩.
(٦) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ١٣٦.
(٧) لم أجد ما قاله المبرد في المقتضب والكامل ، وهو في البحر المحيط ٧ / ١٠٩.
والبيت من بحر الكامل ، وهو في ديوانه ١ / ٣٨٨ ، والكامل ٣ / ١٠٧٤ ، ١٠٧٥ ، أمالي ابن الشجري ٢ / ٢٧٦ ، البحر المحيط ٧ / ١٠٩ ، القطين : الخدم والمماليك والشاهد فيه استعمال (هذا) في الإشارة إلى غائب غير حاضر.
(٨) ما بين القوسين بياض في الأصل.
(٩) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٣٣.
(١١) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٣٣.
(١٢) في ب : عبيد. وهو تحريف.
(١٣) في ب : بني.
(١٤) انظر البغوي ٦ / ٣٢٦.
(١٥) انظر المختصر (١١٢) ، البحر المحيط ٧ / ١٠٩.
(١٦) في الأصل : هو.
(١٧) تفسير ابن عطية ١١ / ١٠٩.