«الملأ» (١) ، ومفعول القول قوله : (إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ) وقيل : صلة «للملأ» ، فإنه بمعنى «الّذي». وقيل : الموصول محذوف. وهما قولان للكوفيين. قال الزمخشري : «فإن قلت : قوله تعالى : (لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ) فما العامل في (حوله)؟. قلت : هو منصوب نصبين : نصب في اللفظ ، ونصب في المحل. فالعامل في النصب اللفظي ما تقدم في الظرف ، والعامل في النصب المحلي هو النصب على الحال» (٢).
قوله : (أَرْجِهْ وَأَخاهُ). لما قال لهم فرعون تلك الكلمات اتفقوا على جواب واحد ، وهو قولهم : «أرجه» قرىء : «أرجه وأرجئه وأرجه» (٣) (بالهمز والتخفيف (٤) ، وهما لغتان ، يقال : أرجأته وأرجيته) (٥) إذا أخرته. والمعنى : أخره ومناظرته لوقت اجتماع السحرة. وقيل : «احبسه»(٦)(وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ) أشاروا عليه بإنفاذ حاشرين يجمعون السحرة ، ظنّا منهم بأنهم إذا كثروا غلبوه وكشفوا حاله. وعارضوا (٧) قوله : (إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ) بقولهم : (بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ) فجاءوا بكلمة الإحاطة ، وبصيغة المبالغة ليطيّبوا قلبه (٨).
قوله تعالى : (فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٣٨) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (٣٩) لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (٤٠) فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (٤١) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)(٤٢)
قوله تعالى : (فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ). اليوم المعلوم : يوم الزينة (٩).
قال ابن عباس : وافق ذلك يوم السبت في أول يوم من السنة ، وهو يوم النيروز (١٠) وميقاته : وقت الضحى ، لأنه الوقت الذي وقّت لهم موسى ـ عليهالسلام (١١) ـ من يوم الزينة في قوله: (مَوْعِدُكُمْ(١٢) يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى)(١٣) [طه : ٥٩].
__________________
(١) انظر تفسير ابن عطية ١١ / ١٠٥ ، التبيان ٢ / ٩٩٥.
(٢) الكشاف ٣ / ١١٣.
(٣) في النسختين : أرجيه وأرجئه وأرجه.
(٤) قوله : «أَرْجِهْ وَأَخاهُ» قرأه ابن كثير وهشام بهمزة ساكنة ، ويصلان الهاء بواو في الوصل ، وكذلك قرأ أبو عمرو ، غير أنه يضمّ الهاء ، ولا يصلها بواو ، وقرأ ابن ذكوان بهمزة ساكنة وبكسر الهاء ، من غير أن يصلها بياء ، وكذلك قرأ قالون ، غير أنه لم يهمز. وقرأ ورش والكسائي بغير همز ، ويصلان الهاء بياء في الوصل ، وقرأ حمزة وعاصم بإسكان الهاء من غير همز. والهمز في هذا الفعل وتركه لغتان ، يقال : أرجيته وأرجأته بمعنى : أخرته. السبعة (٢٨٧ ـ ٢٨٩) ، الكشف ١ / ٤٧٠ ـ ٤٧١ ، البيان ٢ / ٢١٣.
(٥) ما بين القوسين مكرر في ب.
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٣٢.
(٧) في ب : وعارضوه.
(٨) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٣٢.
(٩) انظر البغوي ٦ / ٢١٣ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٣٣.
(١٠) انظر البغوي ٦ / ٢١٣.
(١١) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٢) في ب : من عدوكم. وهو تحريف.
(١٣) انظر الكشاف ٣ / ١١٣ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٣٣.