لك (١). (فَخَرَجَ مِنْها) موسى (خائِفاً يَتَرَقَّبُ) هدايته وغوث الله إيّاه ، (قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي ؛ الكافرين وهذا يدلّ على أن قتله لذلك القبطي لم يكن ذنبا وإلا لكان هو الظالم لهم ، وما كانوا ظالمين له بسبب طلبهم له ليقتلوه قصاصا (٢).
قوله تعالى : (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (٢٢) وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ)(٢٨)
قوله : (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ) أي : قصد نحوها ماضيا إليها ، يقال : داره تلقاء دار فلان ، إذا كانت محاذيتها وأصله من اللقاء. قال الزجاج : أي : سلك الطريق الذي تلقاء مدين فيها (٣). قال ابن عباس : خرج وما قصد مدين ولكنه سلم نفسه إلى الله ومشى من غير معرفة فأسلمه الله إلى مدين (٤) ، وقيل : وقع في نفسه أن بينهم وبينه قرابة ؛ لأنهم من ولد مدين بن إبراهيم وكان من بني إسرائيل ، سميت البلدة باسمه فخرج ولم يكن له علم بالطريق بل اعتمد على الله (٥) ، وقيل : جاءه (٦) جبريل عليهالسلام ، وعلمه الطريق (٧).
قال ابن إسحاق : خرج من مصر إلى مدين خائفا (٨) بلا زاد ولا ظهر وبينهما مسيرة ثمانية أيام ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر (٩). (قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) ، أي : قصد الطريق إلى مدين.
قوله : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) وهو الماء الذي يستقون منه وهو بئر ، ووروده : مجيئه ، والوصول إليه ، (وَجَدَ عَلَيْهِ) أي : على شفيره («أمّة» جماعة كثيفة العدد (مِنَ
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٧ / ١١١.
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٣٧.
(٣) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ١٣٨.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٣٨.
(٥) المرجع السابق.
(٦) في ب : جاءهم.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٣٨.
(٨) في الأصل : حافيا.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٣٨.