فصل
(لِما أَنْزَلْتَ) متعلق ب «فقير» قال الزمخشري : عدّي فقير (١) باللام لأنه ضمن معنى سائل وطالب ويحتمل إني فقير من الدنيا لأجل ما أنزلت إليّ من خير (٢) الدين ، وهو النجاة من الظالمين(٣). يعني أن افتقر يتعدى ب «من» ، فإمّا أن نجعله من باب التضمين ، وإمّا أنّ (٤) متعلقه محذوف و «أنزلت» قيل ماض على أصله ، ويعني بالخير ما تقدم من خير الدين ، وقيل : بمعنى المستقبل (٥). قال أهل اللغة : اللام بمعنى إلى ، يقال : فقير له ، وفقير إليه ، فإن قيل : كيف ساغ بنبي الله شعيب أن يرضى لابنتيه (٦) السعي بالماشية فالجواب : أنّ الناس اختلفوا فيه : هل هو شعيب أو غيره كما تقدم ، وإن سلمنا أنه شعيب (٧) لكن لا مفسدة فيه ، لأن الدين لا يأباه ، وأحوال أهل (٨) البادية غير أحوال أهل الحضر (٩) سيما إذا كانت الحالة حالة (١٠) ضرورة (١١).
فصل
قال ابن عباس : سأل الله تعالى فلقة خبز يقيم بها صلبه (١٢). قال الباقر (١٣) : لقد قالها وإنه لمحتاج إلى شق تمرة (١٤) ، وقال سعيد بن جبير : قال (١٥) ابن عباس : لقد قال (١٦)(رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) وهو أكرم خلقه عليه ، ولقد افتقر إلى شق تمرة (١٧) ، وقيل : إنما قال ذلك في نفسه مع ربه ، وهو اللائق بموسى عليهالسلام (١٨). فلما رجعتا إلى أبيهما سريعا قبل الناس وأغنامهما حفّل بطان (١٩) قال لهما : ما أعجلكما؟ قالتا : وجدنا رجلا صالحا رحيما فسقى لنا أغنامنا ، فقال لإحداهما: اذهبي فادعيه لي (٢٠) ، قوله (فَجاءَتْهُ إِحْداهُما) قرأ ابن محيصن : «فجاءته حداهما» بحذف الهمزة تخفيفا (٢١) على غير قياس ، كقولهم : يا با فلان ، وقوله :
__________________
(١) في ب : فقيرا.
(٢) في ب : من خير فقير.
(٣) الكشاف ٣ / ١٦٢.
(٤) في ب : وإما أن يكون.
(٥) انظر القرطبي ١٣ / ٢٧٠.
(٦) لابنته : سقط من ب.
(٧) في ب : لا شعيب. وهو تحريف.
(٨) في ب : أهلي. وهو تحريف.
(٩) في ب : و. وهو تحريف.
(١٠) في ب : حال.
(١١) انظر الكشاف ٣ / ١٦٢ ، الفخر الرازي ٢٤ / ٢٤٠.
(١٢) انظر البغوي ٦ / ٣٣٠ ـ ٣٣١.
(١٣) هو محمد بن علي زين العابدين الباقر الإمام الخامس للشيعة ولد وتوفي بالمدينة. مات سنة ١١٤ ه.
المنجد ١٠٦ ـ ١٠٧.
(١٤) انظر البغوي ٦ / ٣٣١.
(١٥) في ب : عن.
(١٦) في ب : لقد قال موسى.
(١٧) انظر البغوي ٦ / ٣٣١.
(١٨) المرجع السابق.
(١٩) أي : ممتلئة البطن.
(٢٠) انظر الكشاف ٣ / ١٦٢.
(٢١) انظر المحتسب ٢ / ١٥٠ ، البحر المحيط ٧ / ١١٤.